الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار:
صدى المهدي » العدد: ٧٠ / ربيع الثاني / ١٤٣٦ هـ
مواضيع العدد
العدد: 70 / ربيع الثاني / 1436 هـ

شرح زيارة آل ياسين / الحلقة التاسعة عشرة والأخيرة

شرح زيارة آل ياسين/ الحلقة التاسعة عشرة والأخيرة

هيئة التحرير

ما زال الحديث متواصلاً وشرح فقرات الزيارة المهدوية المباركة، زيارة آل ياسين، وقد وصل بنا الحديث إلى شرح المقطع الأخير من هذه الزيارة الشريفة: (فَأَشْهَدْ عَلَى مَا أَشْهَدْتُكَ عَلَيْهِ، وَأَنَا وَلِيٌّ لَكَ بَريءٌ مِنْ عَدُوِّكَ، فَالْحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ، وَالْبَاطِلُ مَا أَسْخَطْتُمُوهُ، وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ، وَالْمُنْكَرُ مَا نَهَيْتُمْ عَنْهُ، فَنَفْسِي مُؤْمِنَةٌ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَبِكُمْ يَا مَوْلاَيَ أَوَّلِكُمْ وَآخِرِكُمْ، وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ وَمَوَدَّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ).
هذا المقطع من الزيارة الشريفة يتحدّث عن الطلب من الإمام عليه السلام أنْ يكون حاملاً وضامناً _لما اعتقده الزائر_ لمجموعة العقائد والايمانيّات التي اوجبتها الزيارة، كضرورة عقيديّة يتحلّى بها المؤمن الزائر.
فيطلب من الإمام عليه السلام بعد أنْ تلى عليه ما تتضمنه جوانحه من الولاء العقدي له عليه السلام، أنْ يكون هو الشاهد على ما في قلبه.
ثم يفرّع على ذلك وكأنّه متملّق للإمام عليه السلام، أنّ ما اطلبه منك يا سيّدي ومولاي بمقتضى ولائي لك وبراءتي من عدوّك، فتقبّل أيّها الحجّة المنتظر أنْ تكون شاهداً على ما طلبت من جنابك ومقامك السامي الشهادة عليه.
وحيث أنّ أهل البيت عليهم السلام _وبمقتضى ما نعتقد_ لا يشهدون على باطل أبداً، ولا يرتضون إلاّ الحقّ، فيخاطب الزائر الإمام عليه السلام بالقول (فالحق ما رضيتموه والباطل ما استسخطتموه)، ومن جملة ما رضيتموه هو ما احمله انا الزائر لك يا حجّة الله من عقيدة، لأنّ نفسي يا ابن رسول الله مؤمنة بالله ورسوله وبأمير المؤمنين وبآبائك الأوصياء، وأنّ نصرتي ومودّتي خالصة لكم، ولا يمكن أنْ تكون هذه المودّة لغيركم.
فهذه الزيارة لإمام العصر تربّي في نفس الانسان أن يستحضر الحقّ بين يديه فيواليه، وينظر الى الباطل فيعاديه، ويسخط على من يتلبّس به وينصر اوليائه، فالباطل والحق طريقان، في أحدهما نجد أهل البيت عليهم السلام وولاءهم وودّهم وينتهي هذا الطريق بنا الى الجنان والرضوان، فيما يكون الطريق الآخر وإنْ بدا لأوّل وهلة محاطاً باللذائذ والزخارف، إلاّ أنّ نتيجته النيران والعذاب المستديم.
إنّ الزيارة _إيّها الاخوة_ للإمام عليه السلام هي تربية اجتماعية، فإنّ المجتمع بكل اطيافه وألوانه، وبغضّ النظر عن عقائده يأنس بالتزاور، ويستوحش الوحدة والفراق، فحثّ الشارع المقدّس على زيارة أهل البيت عليهم السلام وأنْ نكون في محال وجودهم هو تأكيد على نهج اجتماعي انساني تميل إليه الفطرة، ولا يأباه إلاّ الذوق الأعوج، فضلاً عمّا في هذه الزيارات من تأثيرات كبرى على روح الزائر، فالتعوّد على ترتيل هذه الكلمات وقراءتها يوجب اثاراً في النفس، فتبدأ نفس الزائر بلوم صاحبها إذا كان بعيداً عن معانيها السامية وتشجّعه على سلوك سبل المكارم والسير على منهجها، ولا يمكن بأي حال من الاحوال، وبهذه العجالة أنْ نذكر الفوائد التي تترتّب على زيارات اهل البيت عليهم السلام وصلتهم التي امرنا الله سبحانه وتعالى بها، فهم رحم الله وصلته أوصل من رحمنا، وادنى مراتب الصلة التي يسقط بها هذا التكليف الإلهي العظيم هي زيارتهم ولو عن بعد.
فما اجمل أنْ يكون برنامجنا اليومي مبتدئاً بزيارة أهل البيت عليهم السلام لاسيّما الإمام المهدي عليه السلام، فهل يا ترى سيتساوى حال شخص يبتدئ يومه بتفقّد إمامه والسؤال عن حاله، والتألّم لمصابه وما هو فيه، والدعاء لرفع البلاء عنه وحفظه يساوى حال إنسان غافل لاهٍ عن ذكره.
أيّها الأحبة قد امرتنا آيات المودة في ذي القربى (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وهو اجر الرسالة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بصلة رحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا أردنا أنْ نصل أهل البيت عليهم السلام فإنّ القناة التي توصلنا إليهم في زماننا هو الإمام المهدي عليه السلام، فإنّكم تعلمون أنّ أي عمل، صغر أو كبر، لا يمكن قبوله إلاّ بأنْ يمرّ عن طريقه عليه السلام فلنغتنم فرصاً ثمينة تدرّ علينا كنوزاً وجواهر لا تبيد ولا تندثر، لقاء دقائق معدودة نرتل بها هذه الزيارة المباركة التي سعينا طيلة الحلقات المتقدمة أنْ نبيّن بعضاً من المعاني التي حملتها إلينا، ليكون هذا الفهم البسيط دافعاً وحافزاً للإقبال عليها والانكفاء على قراءتها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يجعله ذخراً لنا عند ولينا.

العدد: ٧٠ / ربيع الثاني / ١٤٣٦ هـ : ٢٠١٥/٠١/٢٥ : ٥.٤ K : ٠
: هيئة التحرير
التعليقات:
لا توجد تعليقات.