المسيح عليه السلاميبشـّر بالمهدي عليه السلام
المسيح عليه السلام يبشـّر بالمهدي عليه السلام
السيد باسم الصافي
إنّ ملكوت الله ودولة الإمام المهدي عليه السلام يأتي في آخر الزمان، ويشمل الأرض كلّها، وستطبّق فيه مشيئة الله وأحكامه في الأرض كما في السماء، ويكون فيه العدل، وينعم فيه الأبرار والمضطهدون والفقراء، ويعاقب فيه الفجّار والمجرمون، ويقتلعون من المجتمع كما يقتلع الشوك من الحقل، وستمتّد هذه الدولة من شرق الأرض إلى غربها ومن الشمال إلى الجنوب، وتكون خاتمة لمسيرة البشرية وثمرة جهود الأنبياء عليهم السلام.
- ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم).
- وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا: (والذي نفسي بيده ليوشكنّ أنْ ينزل فيكم ابن مريم حكمًا وعدلاً).
أي أنّه سيحكم فيما يختلف فيه بين المسلمين والمسيحيين.
- وورد عن النبي عيسى عليه السلام حول دولة الإمام المهدي عليه السلام: (أنا لا أطلب مجدي فهناك من يطلبه ويحكم).
- وورد أيضًا: (إنّ ملكوت الله سينزع منكم ويعطى لأمّة تثمر ثمره).
فالحكم للإمام المهدي عليه السلام والإعانة من المسيح عليه السلام.
وذكر المسيح عليه السلام الإمام المهدي عليه السلام بمصطلح (ابن الإنسان)، إلاّ أنّ المسيحيين الأوائل اعتقدوا أنّ هذا المصطلح يعود للمسيح نفسه، كما تقول الرهبانية اليسوعية.
والمتتبّع لموارد هذا المصطلح في الإنجيل يجد أنّه يستحيل انطباقه في بعض الموارد على النبي عيسى عليه السلام، ويتّضح له أنّ المراد به شخص آخر، هو الذي يطلب المجد ويحكم.
ومن أدلّة ذلك قوله عليه السلام لتلاميذه قبل ارتفاعه للسماء: (الحق أقول لكم: من الحاضرين ههنا من لا يذوقون الموت حتى يشاهد ابن الإنسان آتيًا في ملكوته).
ولم يدّع أحد أنّ من تلاميذه من بقي حيًّا ولم يذق الموت حتى قيام ملكوت الله الذي لم يأت بعد، بل هو عيسى عليه السلام في السماء ينتظر ذلك اليوم الذي يشاهد فيه ابن الإنسان آتيًا في ملكوته.
إذن اتضح لنا أنّ بشارة المسيح عليه السلام هي البشارة بقيام دولة الحق في آخر الزمان على يد ابن الإنسان _والذي نجده في نصوصنا أنّه ينطبق على الإمام المهدي عليه السلام الذي يظهر في آخر الزمان ويملأ الأرض قسطًا وعدلاً بعدما ملئت ظلمًا وجورًا_ نذكر بعض ما ورد في الأناجيل الأربعة من كلام المسيح عليه السلام حول علائم الظهور مما يشابه ما ورد في مصادرنا الإسلامية.
سأله تلاميذه: (قل لنا متى تكون هذه الأمور وما علامة مجيئك ونهاية العالم).
تقول الرهبانية اليسوعية تعليقًا على كلمة (مجيئك): (تدل الكلمة اليونانية على مجيء ابن الإنسان).
وقال في جوابهم: (...وستسمعون بالحروب وبإشاعاتٍ عن الحروب فإيّاكم أنْ تفزعوا فلا بدّ من حدوثها).
وقال أيضًا: (ولكن لا تكون النهاية عندئذ فستقوم أمّة على أمّة ومملكة على مملكة، وتحدث مجاعات وزلازل في أماكن كثيرة، وهذا كله بدء المخاض، ويزداد الإثم فتفتر المحبّة في أكثر الناس، والذي يثبت إلى النهاية فذاك الذي يخلص).
ويتحدّث عن الظهور السريع والمفاجئ لابن الإنسان المخلّص _الإمام المهدي عليه السلام_ قائلاً: (وكما أنّ البرق يخرج من المشرق ويلمع حتى المغرب، فكذلك يكون مجيء ابن الإنسان).
- جاء عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي من ولدي ... تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم ثم يُقبل كالشهاب الثاقب).
والخلاصة: إنّ دولة وحكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية هي آخر مرحلة في التاريخ البشري، وسيتم فيها تحقيق الأهداف الإلهية السامية في عبودية الإنسان لله عز وجل على المستوى الفردي والاجتماعي، وهذا الأمر جعل الله له بشارة من قبل المسيح عليه السلام لأنصاره الذين أنقذهم من الانحراف الديني لليهود، ومن ثمّ رفعه الله عز وجل إلى السماء، وادّخره لنصرة وإعانة الإمام المهدي عليه السلام في هداية المسيحيين في أرجاء الأرض، لطفًا من الله عز وجل بالأبرياء من الناس الذين لم يدركوا الحق، ودون تعمّد.