تمهيدنا: العيش في زمن الظهور قبل القيام
تمهيدنا: العيش في زمن الظهور قبل القيام
في بعض الأحيان يخطر في الذهن أفكار عن دولة الإمام المهدي عليه السلام وكيف ستكون عند قيامه المبارك، وتتحدث الروايات عن أنّ هناك انقلاباً كونياً يحدث للبشر، وتنقلب المفاهيم والسلوكيات، وكأنَّ ما يحدث لا ينتمي أو لا يمتُّ بصلةٍ إلى ما كان.
ويصعب على بعض الاذهان أنْ تستوعب ذلك.
إلّا أنّ الحكمة الالهية تأبى إلّا أنْ تعطي النماذج وتضرب الأمثال لتقرِّب للناس هذه الأفكار متجسدة من خلال بعض الممارسات، وهو نحو من اللطف بالعباد.
وفي زماننا هذا ترتسم لدى الاشخاص السائرين في طريق التمهيد _زيارة الأربعين_ عدَّة لوحات تشكِّل كل واحدة منها أو مجموعها نافذة نطل من خلالها وندرك ما سيكون عليه العالم اثناء الظهور.
فبسبب ما يراه السائر في هذا الدرب الملكوتي من أخلاقيات وسلوكيات يمارسها المؤمنون القائمون على الخدمة المتنوعة، يستطيع أنْ يرسم هو صورة مقاربة تنسجم نوعاً ما مع الروايات التي تشكل كينونة الوجود عند القيام، فلوحة تحكي عن الكرم الذي تصاغر عنده كرم حاتم الطائي وأصبح خجلاً من عظمِ ما يقدمه المؤمنون في سبيل رمزهم الحسين عليه السلام وما قدّمه لهم، فهي نافذة يطل من خلالها الناظرون إلى أي نحوٍ من السخاء والكرم سيكون عليه الناس في دولة العدل والرخاء.
ولوحة أُخرى تحكي التواضع الذي تصاغر عند حدوده أكابر السادة والقادة، لينالوا شرف خدمة من غاصت أقدامهم بتراب الطرق المؤدية إلى كربلاء، ليضحى عنوان إزالة ذلك الغبار منقبة يتغنى بها الأسياد والوجهاء والاثرياء، ولوحة ثالثة تحكي قصة أشخاص حملوا أعلى الشهادات إلّا أنّها لم تروِ ضمأهم أو تشفي غليلهم فصارت شهادتهم العليا ووسامهم الأسمى أنْ ينظِّفوا بقايا ما يتركه السائرون ليحرزوا وساماً ويرسموا بعملهم هذا جزءاً من لوحة التفاني والهمّة في طريق الخدمة، وصورة رابعة يرسمها حرص أهل العلم والفضل على إزكاء علمهم في هذا الطريق وبذل وقتهم الثمين تشرفاً بالإجابة على سؤال هنا أو ردِ شبهة هناك، وهكذا ترتسم الصور وتتشكل اللوحات من خلال الأعمال والخدمات التي يقوم بها أصحاب كل فن أو طبقة أو لون من أبناء المجتمع الإيماني، لا لأجل شيءٍ إلّا لأنْ يسجلوا اسماءهم في صفحة الولاء والخدمة لسيد الشهداء عليه السلام.
إنّ هذه اللوحة التي يرسمها أُناس يعيشون بيننا اليوم لاشك أنّها تحكي لنا لوناً من ألوان دولة الظهور وأيام العدل المنتشر.
إنّها صورة الحقيقة التي نحلم أنْ نراها واليوم قد رأيناها أو بعضاً منها، ولابدَّ هنا أنْ نسأل عن دورنا ومسؤوليتنا تجاه هذه اللوحة وكيف نقدم فيها سمات الابداع فضلاً عن الحفاظ عليها لتكون أبرز العناصر المساهمة في تهيئة نفوسنا للظهور المبارك.
رئيس التحرير