الانتظار العلمي
الانتظار العلمي
الشيخ محمد الكعبي
الانتظار الايجابي هو الانتظار العلمي الذي يعلّم الأمّة النهوض والديمومة على العمل على جميع الأصعدة والميادين والاتجاهات، بدون إهمال جانب دون جانب آخر. وبدون تكاسل وتقاعس لتهيئة المجتمع ليكون على استعداد بأنْ يصبح من أنصار وأتباع الحق،بل حتى من المستشهدين على طريق الحق، ومن أجل دولة الموعود بقيادة الإمام المهدي عليه السلام،وأنْ تساهم الأمّة في عملية الانتظار من تحصيل وتهيئة المقدمات، وكل ما من شأنه أنْ يساهم في عملية الظهور، وأوّل الأمور التي يجب أنْ نؤمن بها هي أنَّ الظهور لابد منه، لأنَّ الله تعالى عادل وقد وعد بإحقاق الحق، ودحر الظلم والظالمين، وإظهار الدين: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وأنَّ إيماننا بيوم الظهور الحتمي سيكون محفّزاً لنا، ولابد من أمورٍ يجب أنْ تكون فينا ومن أولوياتنا، وهي:
أ- الاستعداد النفسي الشخصي والجماعي وعلى جميع الأطر والأصعدة.
ب- العمل بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ج- معرفة القائد القادم وهو الإمام المهدي عليه السلام، من ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، لأنَّ الجهل به يستلزم الجهل بقضيته.
د- معرفة الأحكام الشرعية: ولو بشكل إجمالي، مما يشكّل حاجزاً عن الوقوع بالشبهات.
ه- الإخلاص بالعمل باطناً وظاهراً، صغيراً كان أم كبيراً بكل شيء، لأنَّ الإخلاص من الإيمان.
و- الإيمان بأنَّ الإمام المهدي عليه السلام، يسمع ويرى، ويفرح إذا عملنا وفق الشريعة المقدسة، ويحزن إذا اسأنا التصرّف، لأنه يراقب أعمالنا ولا نغفل عن أنظاره، هذا الإيمان يعطينا حافزاً على عدم إدخال الحزن على قلب الإمام عليه السلام من سوء الأعمال.
ز- توقّع الظهور في كل لحظة وهذا يساهم في عملية الاستعداد.
ح- أنْ يعدّ نفسه على أنَّه من جيش الإمام عليه السلام، وواحد منهم وعليه ما عليهم وله مالهم، ويبني شخصيته ويهيّئها لتقبّل عملية التغيير العالمي، وأنه جزء مهم في هذه الدولة العالمية.
ط- أنْ لا ينظر إلى نفسه على أنه ليس مهماً في معادلة التغيير، بل هو جزء مهم من التغيير، بل يحتمل أنْ يكون جزءاً مهماً جداً فيها.
ي- لا ينصاع إلى ثقافة أنَّ الظهور غير متوقّف على شخصٍ؛ لأنَّ الظهور قادمٌ لا محالة، بل عليه أنْ يعتقد ويؤمن أنَّ الظهور متوقف عليه وعلى غيره:( وَقِفُوهُمْ *إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ).
ك- التمسك بأهل البيت عليهم السلام واتباع نهجهم والسير على خطاهم والتبرّيء من أعدائِهم.
ل- المرابطة: وهي مأخوذة من الربط بمعنى الشدّ (نسيج يربط الإنسان مع أخيه الإنسان المسلم الذي يعيش معه في الأرض، وإنْ بعدت المساحات، لأنَّ الترابط أوجده الإسلام بتعاليمه، فأصبح المجتمع المسلم مشتركاً بها، ويعمل من خلالها في عالم الإمكان، لأنَّه يربط قوى وأفعال الناس في جميع الظروف خيرها وشرها وفي أمورهم الدينية والدنيوية، ولا يكون هذا الترابط إلا بالعمل بالشريعة الإسلامية الصحيحة.
فاذا ترابط المؤمنون في ما بينهم أصبحت الأرضية لاستقبال اليوم العالمي جاهزة:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
قال الامام الصادق عليه السلام:(اصبروا على دينكم وصابروا عدوكم ممن خالفكم ورابطوا امامكم واتقوا الله فيما أمركم به وفرض عليكم).
قال الامام الباقر عليه السلام(اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوكم،ورابطوا إمامكم المنتظر).
م- ترسيخ العمل الصالح والإخلاص بكل المسائل، مَّما يجعل الإنسان نموذجاً إخلاصياً مؤمناً نقياً من جميع الشوائب والمساوئ السلبية، أي تربَية النفس تربية إسلامية حقيقية صحيحة، وترسيخ العمل الجماعي لما له من فائدة.
ن- التحرّك نحو عالمية الإسلام عموماً، والظهور المبارك خصوصاً، من خلال الإعلام، والكتب، وجميع الوسائل المتاحة والممكنة، ويستفاد هنا من قول الإمام السجاد عليه السلام هذا المعنى: (الدعاة إلى دين الله عز وجل سراً وجهراً) أي التبليغ والتبشير العالمي وعدم التقوقع بجغرافية ضيقه.
س- التوطئة: أي أن يعمل الإنسان على تهيئة نفسه ليوم الظهور، ويعلن أنّه على اهبة الاستعداد لاستجابة النداء، في أي وقت كان، والعمل على الوصول والتصدّي الى المناصب الدنيوية بالطرق الشرعية لخدمة ونفع المجتمع والإصلاح وتهيئة الأرضية المناسبة للإمام عليه السلام.
ع- العمل بالتقية:(فمن لا تقيّة له لا دين له)، وأنَّ مفهوم التقية من المفاهيم المهمة في عملية الانتظار، لأنَّه يعطي المناخ المناسب للمنتظرين على العمل بعيداً عن قبضة الأعداء، ويهيّئ لهم المساحة الواسعة من النشاط التبليغي والنهضوي والاستعدادي من أجل إرساء قواعد الدولة الموعودة.
هذه الأمور وغيرها تجعل الإنسان مستحقّاً لأنْ يكون من أتباع وأنصار الإمام عليه السلام، الذين يصدق عليهم العنوان، وأنَّ عدم العمل بهذه المسائل سيؤدّي بالإنسان أنْ يكون بعيداً عن الاستعداد ولا يهيئ نفسه ليوم الظهور، بل قد يكون أقرب للأعداء، ويكون مع الذين يقفون بالجانب الآخر من الإمام عليه السلام، ولا غرابة في ذلك؛ لأنَّهُ لم يجعل من نفسه محل عناية الله تعالى، بل أنّه أبعد نفسه من لطف الإمام عليه السلام.