(٧٧١) هل وردت أعلمية مرجع التقليد بحديث للإمام الحجة (عجّل الله فرجه)
هل وردت أعلمية مرجع التقليد بحديث للإمام الحجة (عجّل الله فرجه) لأنه حسب ما نعلم يجب أن يكون أعلم الأحياء وهل تعد الفيصل في اختيار وكيل الإمام (عجّل الله فرجه)
بسم الله الرحمن الرحيم
إن اشتراط الأعلمية في مرجع التقليد هي مسألة فقهية كبقية المسائل التي يجب على العامّي أن يرجع فيها إلى الفقيه الجامع للشرائط.
والفقيه حينما يفتي بوجوب تقليد الأعلم فهو يستند في ذلك إلى أحد أدلَّة الأحكام من الكتاب العزيز، أو السنة المطهَّرة، أو الإجماع، أو العقل.
ولا تنحصر الأدلَّة بما ورد عن الحجَّة (عجّل الله فرجه)، بل ما ورد عنه (عجّل الله فرجه) في مقابل ما ورد عن آبائه (عليهم السلام) قليل جدّاً.
ولأجل الفائدة العامَّة نقتصر هنا على ذكر ثلاثة أدلَّة مع التبسيط مهما أمكن بعيداً عن الاستدلالات الدقيقة التي يصعب على غير المختصّين.
الدليل الأوّل: الإجماع
لقد أجمع الفقهاء على أن الرجوع إلى الأعلم مجزئٌ ومبرئٌ للذمَّة، لأن الفقهاء في هذه المسألة فريقان: فريق ذهب إلى اشتراط الأعلمية، وفريق ذهب إلى عدم اشتراطها، فهما متفقان على براءة ذمَّة المكلَّف لو رجع إلى الأعلم، ومختلفان في براءتها لو رجع إلى غيره.
الدليل الثاني: حكم العقل القطعي
إنَّ الهدف من تقليد المكلّف للفقيه هو أن تبرأ ذمَّته من التكاليف الشرعية أمام الله تعالى، فلو اتّفق الفقهاء على براءة ذمَّته بتقلّيده للأعلم واختلفوا في براءتها بتقلّيده لغير الأعلم، فإنَّ العقل يحكم بتعيُّن تقليد الأعلم، لأن تقليده مبرئٌ للذمّة يقيناً، بينما لايقين بالبراءة في تقليد غيره.
الدليل الثالث: سيرة العقلاء الممضاة شرعاً
لقد جرت سيرة العقلاء في القضايا المهمة والخطيرة حينما يختلف فيها أهل الإختصاص على أن يأخذوا بقول أعلمهم وأكثرهم خبرة في مجاله، كما هو الحال في مجال الطبّ وتشخيص الأمراض والعلاج، وكذا الحال في مجال الجراحة، فلو تطلّب المرض إجراء عملية جراحية لإستئصال ورم في الدماغ - مثلاً -، فإن الإنسان العاقل لا يجازف بحياته وسلامة دماغه ويسلم نفسه لجرّاح هو أقل خبرة في هذا المجال مع وجود من هو أكثر خبرة منه حينما يختلفان في كيفية إجراء العملية أو مكانها أو زمانها أو غير ذلك مما يتعلَّق بنجاحها وفشلها، خصوصاً إذا علم المريض أن آثار فشلها ستكون كارثية.
هذا والقضية قضية دنيوية، فما بالك بالقضايا الأخروية، أعني القضايا الدينيّة، كالمسائل العقدية، والأحكام الشرعية، فإن مصير الإنسان في الآخرة معلَّق على رعايتها غاية المراعاة، وبالتالي فهي قضايا غير قابلةٍ للمجازفة.
نعم، لو جاءنا نصٌّ من المعصوم (عليه السلام) بكفاية الرجوع إلى غير الأعلم كان هذا بنفسه دليلاً على براءة الذمّة بالرجوع إليه، ولكن لا يوجد هكذا نصٌّ فيما وصلنا، لا في الكتاب العزيز، ولا في السنة المطهَّرة، بل استدلوا على لزوم الرجوع إلى الأعلم، ولكن التعرُّض لذكره هنا خارج عن طوق الجواب الذي خصَّصناه لغير ذوي الإختصاص، وفيما ذكرناه كفاية لكل عاقل.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: حيدر : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)