(٢٢٣) ... يجمع الإمام (عجّل الله فرجه) أصحابه ويستخرج لهم صحيفة بإملاء...
ما صحة الرواية التي معناها أنه وبعد انتشار الإسلام على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجمع الإمام أصحابه ويستخرج لهم صحيفة بإملاء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيشكّون في صحتها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في [كتاب كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص672]، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
كأني أنظر إلى القائم (عليه السلام) على منبر الكوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً عدة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلقه، حتى يستخرج من قبائه كتاباً مختوماً بخاتم من ذهب، عهد معهود من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيجفلون عنه إجفال الغنم البكم، فلا يبقى منهم إلّا الوزير وأحد عشر نقيباً، كما بقوا مع موسى بن عمران (عليه السلام)، فيجولون في الأرض، ولا يجدون عنه مذهباً، فيرجعون إليه، والله إني لأعرف الكلام الذي يقوله لهم فيكفرون به.
وبغض النظر عن سندها، حيث يمكن التأمل فيه من جهة (محمد بن سنان) على الأقل، يمكن القول:
إن ما يحصل في هذه الحادثة هو اختبار وامتحان صعب من الإمام (عجّل الله فرجه) لخاصة أصحابه، ولا شك أن أصحابه وإن كانوا يمثلون مستويات عُليا من الإيمان، بل قد يقال إنهم أفضل الأصحاب في زمانهم، لكن هذا لا يعني أنهم متساوون فيما بينهم، بل هناك تفاضل بينهم، وهذه الرواية تكشف عن هذا الأمر، حيث لا يتحمل أكثرهم ما يسمعونه من الإمام (عجّل الله فرجه) لأنّه فوق مستوى تعقّلهم وإيمانهم، لكن الوزير ومعه أحد عشر نقيباً لا يتزلزل إيمانهم بإمامهم عند سماعهم ما في ذلك الكتاب.
والاختبارات تفرز بطبيعتها حالات قد يصعب على المرء تحملها، لكنه بعد أن يتفكّر قليلاً ويتأمل، فلربما يعود إلى رشده والمسألة طبيعية من هذه الناحية، خصوصاً إذا نَدِم العبد ورجع إلى رشده، كما سيفعل أصحاب الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حينما لا يجدون مذهباً إلّا أن يرجعوا إلى إمامهم المهدي (عجّل الله فرجه).
وقد مرّ العديد من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) بمثل هذا الاختبار، والبعض منهم حصل له نوعٌ من التردد لكنّه عاد إلى رشده في الوقت المناسب، فقد ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
ارتدّ الناس إلّا ثلاثة نفر: سلمان، وأبو ذر، والمقداد، قال أبو بكر الحضرمي فقلت: فعمار؟ قال: قد كان جاض (جاض بمعنى عدل عن الحق...) جيضةً ثم رجع. [اختيار معرفة الرجال الشيخ الطوسي: ص47 - 49]، فمثل عمار الذي مُليء من قرنه إلى قدمه إيماناً، وقع في اختبار صعب، أدّى به إلى أن يتأخّر في تلبية أمر الإمام (عليه السلام)، ولكنّه تدارك ورجع.
وهذا المروي هو من الشواهد التي تدل على أفضلية أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) على كل الأصحاب حتى أصحاب المهدي (عجّل الله فرجه) حيث إنهم لم يرتدّوا ولم يتزلزل إيمانهم رغم شدة الاختبار، ولذا قال الإمام الحسين (عليه السلام): اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص 220]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: قاسم : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)