(١٠١٤) ما هو الدليل العقلي على قوة أربعين رجلاً؟
ورد أن للرجل من أصحاب القائم (عجّل الله فرجه) قوة أربعين رجلاً
ما هو الدليل العقلي على هذا الكلام إن صح ما ذكر، هل لهم قوة خارقة تكون في ذلك الزمن؟ يعني عقلياً حتى على سبيل المثال لاعبين كمال الأجسام لا تكن قوتهم هكذا عقلاً، فهل نفهم من الوارد في الروايات أن هنالك معجزة وهي القوة الخارقة لأصحاب الإمام (عجّل الله فرجه) أم هنالك معنى آخر؟
وكيف يمكننا فهم هذه الرؤيا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الدليل العقلي إنما يُدرك الكليات كامتناع النقيضين أو أن لكل معلول علة ولا علاقة له بما تسألون عنه، ولا يوجد مانع عقلي يحيل ذلك بل أن الواقع الخارجي قد يصدق هذا المعنى، فقد نرى أحياناً على التلفاز من يستطيع أن يحرّك القطار من مكانه، أو نرى بعض المتمرسين بفنون القتال من يستطيع أن يهزم عدة أشخاص بقوته وشدته، وهذه المصاديق وإن كان سبيلها التدريب والتمرين البدني ولكن جئنا بها كأمثلة لرفع الاستيحاش والغرابة لأصل الفكرة، وإلّا فالقرآن الكريم يؤكد على أن الإنسان المؤمن إذا تحلى بقوة الإرادة والعزيمة الكبيرة يمكن أن تتجاوز قوته قوة عدة رجال يقول تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فالقضية إذن لها بُعد نفسي وتسبيب معنوي تتم ترجمته على السلوك والفعل ولذا عللت الآية الكريمة انتصار المؤمنين على من يزيدهم عدداً من الكفار بسبب صبرهم وإيمانهم، ومع ذلك فالروايات الشريفة بينت أن قوة هؤلاء الأنصار إنما هي عطية وكرامة من الله تعالى لهم لنصرة الإمام (عجّل الله فرجه) فإن القوة لله جميعاً يهبها لمن يشاء ويعطيها لمن أراد ولو منعها عن أحد من خلقه لعجز عن قتل ذبابة، ولذا تجد أن أمير المؤمنين (عليه السلام) يرفع باب خيبر بكلتا يديه بعد أن عجز عن تحريكه عشرات المسلمين فيقول (عليه السلام): والله ما قلعت باب خيبر ورميت بها خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية ولا حركة غذائية لكني أيدت بقوة ملكوتية ونفس بنور ربها مضية. [الأمالي للشيخ الصدوق: ص604]، ونجد كذلك السيدة مريم (عليها السلام) على ضعفها وما تعانيه من ألم الولادة أعطاها الله تعالى من القوة والشدة ما هزت به جذع النخلة التي يعجز عن هزها وتحريكها عشرات الرجال الأقوياء.
وبعد هذا البيان لا معنى للاستغراب أو التعجب إذا أعطى الله تعالى أصحاب القائم (عجّل الله فرجه) تلك القوة سواء كانت في أجسامهم أو قلوبهم، والروايات بعد ذلك متظافرة ومستفيضة على هذا المعنى فقد وردت عدة أخبار تؤشر إلى تلك الصفة فيهم، فقد روى الكليني بسند صحيح عن عبد الملك بن أعين قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السلام) فاعتمدت على يدي فبكيت، فقال: ما لك؟ فقلت: كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر وبي قوة، فقال: أما ترضون أن عدوكم يقتل بعضهم بعضاً وأنتم آمنون في بيوتكم، إنه لو قد كان ذلك أعطى الرجل منكم قوة أربعين رجلاً وجعلت قلوبكم كزبر الحديد لو قذف بها الجبال لقلعتها وكنتم قوام الأرض وخزانها. [الكافي للشيخ الكليني: ج8، ص294]، وفي رواية الإمام الباقر (عليه السلام): فلا يبقى مؤمن إلّا صار قلبه أشد من زبر الحديد، وأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص653]، وكذلك ما روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): إذا قام قائمنا أذهب الله (عزَّ وجل) عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوة الرجل منهم قوة أربعين رجلاً، ويكونون حكام الأرض وسنامها. [الخصال للشيخ الصدوق: ص541]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: محمد علي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)