(١٢٥٠) هل وقوفنا في وجه انتشار الظلم والفساد يؤخّر الفرج؟
إذا كان انتشار الظلم والفساد وعدم الأمن وغير ذلك من الأمور السلبية تؤدي إلى تعجيل ظهور الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه)، فلماذا لا نجلس في منازلنا ونجعل الفساد ينتشر لتعجيل الفرج؟!
هل وقوفنا في وجه انتشار الظلم والفساد يؤخّر الفرج؟ فكيف ينسجم دعاءنا لتعجيل الفرج مع أفعالنا هذه؟! وكيف نوفق بين الروايات التي تأمرنا بنشر الإصلاح والخير في المجتمع وبين الروايات التي تبين أنّ الإمام (عجّل الله فرجه) لن يظهر إلّا بعد انتشار الظلم والفساد؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يمكن اعتبار (انتشار الظلم والفساد) من شروط ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) بل الصحيح أن ذلك هو سبب غيبته (عجّل الله فرجه)، ولولا ذلك لم يغب عن الناس، وهذا هو مفاد ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): واعلموا أن الأرض لا تخلو من حجة لله (عزَّ وجلَّ)، ولكن الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم. [الغيبة للشيخ النعماني: ص144]
وكذلك ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أن الدعاء بتعجيل الفرج والتضرع إلى الله تعالى قد يكون سبباً لتعجيل الفرج وتقريبه، فقد ورد عنه (عليه السلام): لمّا طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً، فأوحى الله إلى موسى وهارون أن يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائة سنة. قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): هكذا أنتم لو فعلتم لفرَّج الله عنّا، فأمّا إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج2، ص154]
وعلى كل حال فإن أخبار الروايات بانتشار الظلم والجور قبل عصر الظهور لم تأخذه كشرط للظهور أو علة له، بل المقصود أن هذه الفوضى الأخلاقية وهذا الاضطراب هو نتيجة حاصلة لنفس غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) ومعلول لعدم ظهوره وقيادته للبشرية، باعتبار أن المجتمع الإنساني مهما بلغ من التقدم والتطور سيبقى قاصراً ومتأخراً عن إدراك كماله وسعادته إلّا بهداية الإمام المعصوم (عليه السلام)، وإذا لم تتوفر أسباب الظهور وشروطه، فإن السنن التاريخية والقوانين الطبيعية تحتم أن الفساد والانحراف سيكون هو الظاهرة البارزة حين ذاك في تلك المجتمعات.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: سيد عدنان البكاء : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)