(١٢٥٦) لماذا لم تكن علامة كثرة الهرج والمرج والفتن من العلامات الحتمية الخمس؟
هنالك بعض الروايات تذكر علامات صريحة كالرواية الواردة عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): علامة ظهور أمري كثرة الهرج والمرج والفتن. والرواية واردة في أغلب الكتب والمصادر الشيعية المعتبرة.
فإذا كان الإمام (عجّل الله فرجه) بنفسه يقول: إن إحدى علامات ظهوره هي كثرة الهرج والمرج والفتن، فلماذا لم تكن هذه العلامة من ضمن العلامات الحتمية الخمسة التي ذكرها أهل البيت (عليهم السلام) في الروايات الشريفة؟ فهل ممكن أن يكون بداء في هذه العلامة التي يذكرها الإمام نفسه؟
فهل ممكن أن لا تكون علامة ظهوره كثرة هرج ومرج وفتن؟
بسم الله الرحمن الرحيم
العلائم الحتمية تلك العلامات التي ستتحقق دون أي قيد، وحدوثها ضرورة لابد منها، حيث إن ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) مقترن بوقوع تلك العلامات، ويستفاد من الروايات المتعددة والصحيحة أنها خمسة حتمية وهي: خروج السفياني، وخروج اليماني، والصيحة بين السماء والأرض، وقتل نفس الزكية، والخسف بالبيداء.
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): قبل قيام القائم خمس علامات محتومات: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص650]
في مقابل هذه العلائم الحتمية، هناك علائم غير حتمية، أي أنها علائم تحققها مشروط بقيود وشروط، بعبارة أخرى: إن الإمام يظهر ولكن ظهوره (عجّل الله فرجه) ليس منوطاً بها، فهذه العلائم قد تتحقق أو لا تتحقق.
من قبيل ما ورد في كثرة موت الفجأة والزلازل وكثرة الحروب والفوضى والخسوف والكسوف وكثرة الأمطار...، وإنما لم يتم التعبير عن هذه العلامات بالحتمية لأن الروايات خصصت تلك العلامات الأولى بالحتمية.
مضافاً إلى أن العلامات غير الحتمية والتي تحكي أغلبها الأحداث المؤلمة والمحن الكبيرة قبل الظهور بالإمكان عدم وقوعها فيما لو تغيَّر سلوك الناس واستقامت أخلاقهم وتضرعوا إلى الله تعالى برفع المحنة عنهم، كما ورد في حديث الإمام الصادق (عليه السلام): لمّا طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً فأوحى الله إلى موسى وهارون أن يخلصهم من فرعون، فحط عنهم سبعين ومائة سنة. قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا، فأمّا إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج2، ص154]
والمقصود من انتهاء الأمر إلى منتهاه أي أن يحصد الناس نتائج سوء أفعالهم وما يترتب على ذلك من الانحراف الذي هم عليه والذي يؤدي بهم في نهاية المطاف إلى القناعة التامة أن لا ملجأ لهم ولا خلاص إلّا بظهور الإمام (عجّل الله فرجه) فتكون هذه الابتلاءات والمحن إحدى سياط السماء لإيقاظ الناس وتنبيههم وهي سُنة إلهية جرت في الأمم السابقة، ويمكن أن تجري في هذه الأُمة أيضاً إن لم يرعووا ويعودوا إلى رشدهم وصوابهم، يقول تعالى: ﴿فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّـرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَـرَّعُونَ﴾.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: عبد الحسين السيلاوي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)