ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(٩٨٤) ما هي أفضل الأسس والطرق المؤدية للتمهيد المهدوي؟

ما هي أفضل الأسس والطرق المؤدية للتأسيس والتمهيد للدولة العالمية دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟


بسم الله الرحمن الرحيم
مع إيماننا ان وقت ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) من الأسرار الغائبة عنا إلا أن الذي يُفهم من الروايات أن هناك أجلين لظهوره (عجّل الله فرجه):
الأول: الأجل المتحرك بمعنى أنه موعد يقبل التقديم والتأخير ويخضع لعنصر البداء والمحو والاثبات.
والثاني: هو الأجل الثابت غير المعلق على شيء.
والفرق بينهما أن الأجل الأول يتأثر تقديماً وتأخيراً بسلوك الناس وطبيعة عملهم ومدى التزامهم بما يريده الله تعالى منهم، وقد وردت عدة روايات تؤكد هذا المعنى، فقد سأل أبو بصير الإمام الصادق (عليه السلام): ما لهذا الأمر أمد ينتهي إليه ويريح أبداننا؟ قال: بلى، ولكنكم أذعتم فأخره الله. [الغيبة للشيخ النعماني: ص299]
ولكن لا يعني وجود الأجل المعلق أن يبقى ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) معلقاً إلى ما (لانهاية) بسبب خيارات الناس وتصرفاتهم، بل هناك أجل آخر مسمى وثابت عند الله تعالى لا يقبل التأخير أو التأجيل، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): لما طال على بني إسرائيل العذاب ضجوا وبكوا إلى الله أربعين صباحاً فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلصهم من فرعون فحط عنهم سبعين ومائة سنة. قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): هكذا أنتم لو فعلتم لفرج الله عنا، فأما إذا لم تكونوا فإن الأمر ينتهي إلى منتهاه. [تفسير العياشي لمحمد بن مسعود العياشي: ج2، ص154]، ومعنى أن ينتهي إلى منتهاه أن يصل إلى الوقت المسمى والثابت عنده تعالى والذي لا تعود تؤثر عليه المؤثرات وأفعال الناس فإن الله تعالى قضت حكمته وأوجب بوعده أن ينتصر لهذا الدين شاء الناس ذلك أم أبوا.
ولكن الذي يلزم عن ذلك ويتفرع عليه هو تأخير ظهور الإمام (عجّل الله فرجه) وما يستتبعه ذلك من تفعيل قانون الاستبدال كسنة تأريخية قرآنية تحكم المستقبل يقول تعالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم﴾، وقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما يتطابق مع هذا المعنى القرآني في سياق حديثه عن أصحاب الإمام القائم (عجّل الله فرجه): إن صاحب هذا الأمر محفوظ له، لو ذهب الناس جميعاً أتى الله له بأصحابه، وهم الذين قال لهم الله (عزَّ وجل): ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾. [الغيبة للشيخ النعماني: ص330]
ومعنى ذلك أن الله تعالى يمكن أن يستبدل بنا غيرنا ويأتي بمن يكونون مؤهلين لنصرة الإمام (عجّل الله فرجه) وإعانته للقيام بدولته، فنكون قد خذلنا أنفسنا قبل أن نخذل إمام زماننا المهدي (عجّل الله فرجه)، ولن يلحق الضرر إلّا بنا.
ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): لا يخرج من شيعتنا أحد إلا أبدلنا الله به من هو خير منه. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج23، ص387]
ولتلافي هذا الخيار الصعب والمر يجب علينا أم نكون بمستوى المسؤولية والوظيفة الكبيرة والتي تتناسب مع حجم التحدي الملقى على عاتق جميع المنتظرين والمترقبين للمشروع المهدوي من خلال تمهيدنا له، سواء في أنفسنا من خلال توافرنا على العناصر والمقومات التي ترتقي بنا إلى نصرة الإمام (عجّل الله فرجه)، أو في حركتنا داخل المجتمع وبين الناس للنهوض بهم نحو الإيمان واليقين بأن خلاصهم ونجاتهم إنما يحصل على يديه (عجّل الله فرجه) لا على يد غيره، وإنما يتم ذلك أولاً في أنفسنا من خلال التحلي بكل الصفات التي لا بد أن تتوافر في أنصاره وشيعته، وأولها هي أن نمتلك العقيدة الصحيحة والواعية التي لا تلتبس عليها الشبهات والفتن، فقد ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مدحه لأنصار المهدي (عجّل الله فرجه) بما يتحلون به من الثبات والوضوح في العقيدة والمبدأ يقول (عليه السلام): ويحا للطالقان فإن لله (عزَّ وجل) بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة، ولكن بها رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته، وهم أيضاً أنصار المهدي في آخر الزمان. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج51، ص87]
والأمر الثاني بعد المعرفة الحقة يأتي دور العمل والالتزام التام بكل ما يريده الله تعالى منا، فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): من سرَّه أن يكون من أصحاب القائم (عليه السلام) فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق، وهو منتظر. [الغيبة للشيخ النعماني: ص207]
وأما الأمر الثالث فهو الصبر والتحمل على محنة الغيبة وطول مدتها، وأن لا يصيبنا الملل أو الانكسار والاحباط فإن واحدة من أهم مقاصد الغيبة هي سنة التمحيص والغربلة للتمييز بين المؤمن الحقيقي عن غيره، فإذا نجحنا في ذلك وتوفقنا في عبور الامتحان فقد تقدمنا خطوة باتجاه التمهيد للدولة المهدوية، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): وكذلك أنتم تمحصكم الفتن حتى لا يبقى إلا عصابة لا تضرها الفتن شيئا. [الغيبة للشيخ النعماني: ص34]
وأما الأمر الرابع فأن نتحد جميعاً نحو هدف واحد وغاية محددة والابتعاد قدر الامكان عن الاستغراق في الخلافات الجانبية والنزاعات الفئوية التي لا تلتقي مع عظمة المشروع المهدوي والغاية منه، فقد ورد في التوقيع الشريف عنه (عجّل الله فرجه): ولو أنّ أشياعنا وفَّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقِّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلاَّ ما يتصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم. [الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص325]
وأخيرا وليس آخراً التوجه بالدعاء بل والالحاح به على الله تعالى أن يعجل فرج مولانا الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فإن واحدة من أهم تجليات ومظاهر الدعاء له (عجّل الله فرجه) أن يوجهنا نفسياً وروحياً نحو إعداد العدة وتمهيد الأرض لهذا اليوم العظيم، فضلاً عن تقويته للارتباط والعلاقة بالإمام المنتظر (عجّل الله فرجه)، فقد جاء في توقيعه (عجّل الله فرجه) لإسحاق بن يعقوب قوله (عجّل الله فرجه): وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص293]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢١/٠٤/٢٤ : ٢.٥ K : ٠
: حبيب النجار : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.