ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الغيبة

(١٠٤٠) هل تكفي نصرة الإمام (عجّل الله فرجه) بالأقوال فقط...؟

هل تكفي نصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بالأقوال فقط، إذا لم تتوفر ظروف الأفعال؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الانتصار للإمام (عليه السلام) بالأقوال فقط يُفهم على نحوين:
النحو الأول: النصرة التي لا تتعدى ظاهر القول واللسان، ولا يوجد لها تصديق قلبي وأثر عملي على سلوك الإنسان، وهذا النحو بطبيعة الحال من مصاديق التقصير والتفريط في الدين والعقيدة، ولا يمثل الموقف السليم في زمن الغيبة ولا الفهم الصحيح لمعنى النصرة للإمام (عجّل الله فرجه)، وقد عاب القرآن الكريم وأنكر على بعض المسلمين ممن توقفوا عند حدود الأقوال ولم يترجموا نصرتهم على المستوى السلوكي والعملي، يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتوهم أو نتخيل أن تحقيق معنى النصرة وتجسيده واقعاً يقتصر على الجانب القولي فقط دون العمل.
النحو الثاني: أن يكون المقصود من النصرة القولية باعتبارها جزء وجانباً من القيام بالتكليف العملي للإنسان المؤمن، فإن الإيمان عبارة عن (قول وعمل)، فقد روى أبو عمرو الزبيري عن الإمام الصادق (عليه السلام): قلت ألا تخبرني عن الإيمان، أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الإيمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل. [الكافي للشيخ الكليني: ج2، ص33]
ونفهم من هذه الرواية أن النصرة القولية تمثل مرتبة من مراتب النصرة للإمام (عجّل الله فرجه) وفصلاً من فصولها، ضرورة أن حقيقة النصرة لا تتوقف عند مثال واحد أو مصداق معين يدل على ذلك نفس معنى النصرة في اللغة والعرف والذي لا يخرج عن مفهوم الإعانة والمؤازرة والتي يقابلها الخذلان والتقاعس، وإنما يتحدد التكليف الشرعي ويتبلور تبعاً للإمكانيات الذاتية للمؤمن وقدراته الخاصة وطبيعة الظروف المحيطة به، فقد تكون بالمال، وقد تكون باليد والنفس وكل ذلك يشكل اتساقاً وانسجاماً مع الإيمان العميق بأحقية القضية المهدوية والعمل على تجذيرها وترسيخها في واقعنا الحياتي، فالغني من المؤمنين يمكن أن ينصر عقيدته بماله والشاعر والأديب بشعره ولسانه والكاتب بقلمه وبيانه والعالم باجتهاده وأفكاره، وفي كل ذلك درجات ومراتب تبعاً لمدى الإيمان والاهتمام بها.
ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى أطلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة، ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا وإلينا. [الخصال للشيخ الصدوق: ص635]
إلى أن نصل إلى أدنى مراتب النصرة والتأييد والذي يقتصر على الانفعال الفردي أو القلبي والنفسي للمؤمن والذي لا يسقط التكليف به بأي حال من الأحوال، فقد سأل أحدهم الإمام الصادق (عليه السلام): يا بن رسول الله إني عاجز ببدني عن نصرتكم، ولست أملك إلّا البراءة من أعدائكم واللعن فكيف حالي؟ فقال له (عليه السلام): حدثني أبي عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلوات الله عليهم) أنه قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت فلعن في خلواته أعداءنا بلغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش، فكلما لعن هذا الرجل أعداءنا لعنا ساعدوه ولعنوا من يلعنه ثم ثنوا فقالوا: اللهم صل على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر على أكثر منه لفعل، فإذا النداء من قبل الله (عزَّ وجل): قد أجبت دعاءكم وسمعت نداءكم وصليت على روحه في الأرواح وجعلته عندي من المصطفين الأخيار. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج27، ص223]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الغيبة : ٢٠٢١/٠٧/٠٢ : ٢.٢ K : ٠
: محمد سالم : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.