(١٠٥٢) كيف نعرف الاقتداء بالإمام (عجّل الله فرجه) والشيعة مختلفون فيما بينهم؟
في الرواية طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه يتولى وليه ويتبرأ من عدوه.
كيف نعرف ذلك والشيعة في هذا العصر مختلفون فيما بينهم لأن فقهائنا لديهم اجتهادات مختلفة وخصوصاً في الأمور السياسية فمنهم من يعتبر فلاناً صديقاً ومنهم من يعتبره عدواً فكيف نوالي ونتبرأ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الاختلاف الواقع بين علماء الشيعة في المسائل الفقهية إنما هو اختلاف علمي يتبع فهم الدليل واستظهاره ولا يقدح في ايمان المؤمن أو تشيعه لأهل البيت (عليهم السلام)، كما أن هذا الاختلاف ليس على مستوى أصول الدين ولا ضروراته وإنما في قضايا جزئية وفرعية، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حينما يقول كما ورد عنه في التوقيع الشريف: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص484]، فهو يعلم أن هناك اختلافاً سوف يحصل بين العلماء في بعض تلك التفصيلات، ومع ذلك أمر بالرجوع إليهم وليس ذلك بطبيعة الحال إلّا لكون الإنسان معذوراً عند الله تعالى فيما لو لم يصب الحكم الواقعي، ولذلك نجد أن الإمام (عجّل الله فرجه) يعلمنا أن الاختلاف في القضايا الفقهية الجزئية ليس أمراً يستدعي الخروج عن التدين أو الإيمان ما دام المؤمن يحمل في داخله التسليم والانقياد، فقد كتب الحميري رقعة للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يسأله عن التكليف الشرعي للمصلي لو قام من التشهد الوسطي فهل يكبر أو يكتفي بقوله (بحول الله تعالى وقوته أقوم وأقعد) فأجابه الإمام (عجّل الله فرجه) بقوله: إن فيه حديثين: أما أحدهما فإنه إذا انتقل من حالة إلى حالة أخرى فعليه تكبير، وأما الآخر فإنه روي أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبر ثم جلس، ثم قام، فليس عليه للقيام بعد القعود تكبير، وكذلك التشهد الأول، يجري هذا المجري، وبأيهما أخذت من جهة التسليم كان صواباً. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص378]، ولا يخفى أن الإمام (عجّل الله فرجه) كان بإمكانه أن يقدم الجواب الحاسم ولكنه كان بصدد تربية الشيعة وتعليمهم على قبول هذا المقدار من الاختلاف الذي لا يؤثر سلباً في صوابية التكليف ما دام نية المؤمن هي الطاعة والتسليم لله تعالى ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولأهل بيته (عليهم السلام) فلا ينبغي أن يُشكل ذلك سبباً للتمايز أو التفرق بين المؤمنين.
وأما بالنسبة لسؤالكم لمن نوالي وممن نبرء فجوابه أن توالي الحق ومن يتبعه دون غيره، وكما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله. [روضة الواعظين للنيسابوري: ص31]
ومعرفة الحق من الباطل واضح بيّن يمكنك أن تستوضحه من خلال آثار أصحابه ومواقفهم ومدى انطباق سلوكهم مع ما يقرره الدين وأهل البيت (عليهم السلام)، فإن عجزت عن معرفته ولم يتضح لك الأمر ولو بالرجوع إلى العلماء والمراجع، فلا معنى أن توالي هذا الطرف أو ذاك الطرف، وتكليفك أن تبقى على الحياد وعدم الانحياز لأي منهما، وهي وصية أمير المؤمنين (عليه السلام): كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. [نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح: ص469]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: قحطان العلوي : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)