ارسل سؤالك المهدوي:
المسار
عصر الظهور

(٨٣٤) هل الإمام (عجّل الله فرجه) يسلب الإرادة من الناس...

هل في الدولة المهدوية تبقى إرادة الإنسان في فعل أي شيء يريده.
بمعنى لا تسلب منه الإرادة والعقل حسب قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهاً﴾، هل يعني أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجبر الناس على الدين ويسلب منهم الإرادة والعقل.
فكيف وقوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ فكيف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) يجبر الناس على الدين ويسلب منهم الإرادة والعقل فيتحكم فيهم؟
أم أن هاتين الآيتين ليس لهما علاقة في دولة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
فيكون الإنسان صاحب الإرادة والعقل ولا أحد يتحكم فيه ولا تسلب منه، نرجو التوضيح


بسم الله الرحمن الرحيم
لا معنى لإجبار الناس على الدين بما هو عقيدة قلبية... فحريّة المعتقد قدر إلهي غير قابل للنقض والنسخ يقول تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ وسلب الإرادة من الإنسان يحوله إلى كائن آلي أصمّ لا يختلف عن الحجارة كثيراً، ولو أراد الله تعالى ذلك لفعله من أول الخليقة، ولم يمهل البشرية كل هذه الفترة الزمنية الطويلة لكي ترتقي باختيارها وإرادتها لتكون مؤهلة ومستعدة للقبول بالدولة المهدوية.
وشرط تحقق الاستعداد والأهلية متوقف على أن تمر البشرية بعدة تجارب واختبارات للحلول الوضعية، حتى تقتنع في نهاية المطاف أن مسيرتها التكاملية وسعادتها لا يتم إلا على يد الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ولذا ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: دولتنا آخر الدول ولن يبق أهل بيت لهم دولة إلا ملكوا قبلنا لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا: إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء، وهو قول الله (عزَّ وجل): ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص473]
فإذا ظهر الإمام (عجّل الله فرجه) ورأى الناس عدله وحكومته، آمنوا به واعتقدوا بنهضته من غير قسر ولا إكراه، فإن الناس مفطورة في طبيعتها على اتباع الحق لولا الظلم والجور والذي سيقضي عليه الإمام (عجّل الله فرجه) فيرتقي بعقولهم وأخلاقهم فلا يعودون إلى سابق عهدهم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم. [الكافي للشيخ الكليني: ج1، ص 25]
وحينها سيجدون في الإمام (عجّل الله فرجه) الملجأ والمنقذ والمخلص لهم فلا يكون أحد أحب إليهم منه (عجّل الله فرجه).
عن أبي رومان، عن علي [عليه السلام] قال: إذا نادى مناد من السماء إن الحق في آل محمد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس ويُشرَبون حبه ولا يكون لهم ذكر غيره. [الفتن لنعيم بن حماد المروزي: ج1، ص344]
فكل هذه الروايات والمضامين واضحة في أن الناس مختارون أحرار في عهد الإمام (عجّل الله فرجه) وعن قناعة ذاتية تنبع من عقولهم وقلوبهم، ولكن لا يعني ذلك بطبيعة الحال أن الناس حينذاك يصبحون معصومين لا يذنبون ولا يخطؤون وإلا لما كان معنى للجهاد ومقاتلة الخارجين عليه أو المتمردين على أحكام دولته (عجّل الله فرجه) وهنا يمكن تصور الإجبار بمعنى تقييد الناس بالقوانين والأحكام الإسلامية لأجل حفظ النظام وإتاحة المجال للإنسان أن ينعم بنعمة العدل والحرية من غير أن يظِلم ولا يظُلم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)

عصر الظهور : ٢٠٢١/٠١/١٢ : ٢.١ K : ٠
: جعفر الفهيد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
التعليقات:
لا توجد تعليقات.