(٨٣٧) هل نطّلع على عوالم سابقة مثل عالم الذر في الدولة المهدوية
هل في الدولة المهدوية نطّلع على عوالم سابقة مثل عالم الذر، وعالم الكواكب، وعالم الأنبياء السابقين، فنرجع مثل عالم الأقوام سابقة مثل عالم قوم صالح والنبي ابراهيم وغيرهم، فنرى ماذا حدث مع الأنبياء (عليهم السلام)؟
وأيضا نرى أصحاب أهل الكهف؟ أم هذه العوالم لا يطلع عليها إلا أهل البيت (عليهم السلام) فقط؟
وهل ما ذكره البعض من أن في الدولة المهدوية تُرى الملائكة، وتُرى الجن وتصافح الملائكة صحيح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
انفتاح الدولة المهدوية وشمولية خلافته (عجّل الله فرجه) على العوالم والأكوان الأخرى هو مضمون عدة روايات وردت في كتبنا المعتبرة.
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: أما إن ذا القرنين قد خير السحابين فاختار الذلول، وذخر لصاحبكم الصعب، قال: قلت: وما الصعب؟ قال: ما كان من سحاب فيه رعد وصاعقة أو برق فصاحبكم يركبه أما إنه سيركب السحاب، ويرقى في الأسباب أسباب السماوات السبع، والأرضين السبع خمس عوامر واثنتان خرابان. [بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار: ص429]
وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن الله خير ذا القرنين السحابين الذلول والصعب، فاختار الذلول وهو ما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصعب لم يكن ذلك له، لأن الله اذخره للقائم (عليه السلام). [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٥٢، ٣٢١]
والرواية الأولى واضحة في كون حركة الإمام (عجّل الله فرجه) خارج أرضنا هذه إلى أراض متعددة منها خمسة مأهولة وعامرة واثنان منها ليست كذلك، وتدعم هذه الفكرة المقارنة، التي أجرتها الروايات بين حركته (عجّل الله فرجه) مع حركة ذي القرنين والتي تجاوزت عالمنا أيضاً إلى ما هو خارج عنه كما في الرواية الواردة عن جابر وكيف أخذه الإمام الباقر (عليه السلام) إلى بعض تلك العوالم التي وصل اليها ذو القرنين.
ورد أن الإمام الباقر (عليه السلام) قال لجابر: أتدري أين أنت؟ قلت: لا جعلت فداك. فقال (عليه السلام) لي: أنت في الظلمة التي سلكها ذو القرنين. [بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار: ص425]
بل أن بعض الروايات تشير إلى أن سكان تلك العوالم ينتظرون الإمام (عجّل الله فرجه) كما ننتظره نحن أيضاً وهم يتوقون لنصرته كبقية المؤمنين، وهذا يدعم أيضاً ما يذهب إليه البعض من أن الدولة المهدوية تمثل المشروع الالهي لجميع الخليقة وليس منحصراً في نطاق محدود، روى الصفار في بصائر الدرجات: عن هشام الجواليقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن لله مدينة خلف البحر سعتها مسيرة أربعين يوماً، فيها قوم لم يعصوا الله قط، ولا يعرفون إبليس ولا يعلمون خلق إبليس، نلقاهم في كل حين فيسألونا عما يحتاجون إليه ويسألونا الدعاء فنعلمهم ويسألونا عن قائمنا حتى يظهر، فيهم جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا يدعون أن يريهم إياه، ولهم خرجة مع الإمام إذا قاموا يسبقون فيها أصحاب السلاح منهم ويدعون الله أن يجعلهم ممن ينتصر به لدينهم، ولهم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب أحدهم بسيفه جبلاً لقده حتى يفصله يغزو بهم الإمام الهند والديلم والكرك والترك والروم وبربر وما بين جابرسا إلى جابلقا وهما مدينتان واحدة بالمشرق وأخرى بالمغرب لا يأتون على أهل دين الا دعوهم إلى الله. [بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار: ص511- 512، ب14، ح4]
بطبيعة الحال يمكن أن نفهم أن حركة الإمام (عجّل الله فرجه) ونهضته ستكون أولاً على الأرض ومنها ينطلق لنشر العدل والدين في كل العوالم الأخرى، فإذا بلغت المديات المرسومة لها من قبله تعالى، وبسبب التكامل العقلي والروحي الذي يبلغه المؤمنون في عهده (عجّل الله فرجه)، لا يعود حاجب يحجبهم عن رؤية عالم الملكوت والملائكة.
ومن الشواهد على ذلك ما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: إذا قام القائم يأمر الله تعالى الملائكة بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم فإذا أراد واحد حاجة، أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله فيحمله الملك حتى يأتي القائم فيقضي حاجته ثم يرده. [دلائل الأماني للطبري الشيعي: ص٤٥٤]
وكذلك ما رواه الشيخ الكليني في الكافي: عن داود بن كثير الرقي عن أبي عبد الله (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة، وخلق شيعتهم. أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا، وأن يتقوا الله. ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة، والحرم الآمن، وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع.
ولذلك استقرب الفيض الكاشاني في كتابه الوافي: ج14، ص1356، في شرحه على هذا الحديث ان المقصود من الأرض المباركة هي عالم الملكوت لأن البيت المعمور والسقف المرفوع من وجودات ذلك العالم.
انتهى فيكون المقصود من نزوله بمعنى انكشافه وظهوره كما حصل ذلك للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) جميعاً.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
: جعفر الفهيد : مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)