(١٠٦٠) هل كل الأئمة الاثنا عشر يعلمون الغيب؟
رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) والأئمة الاثنا عشر واحد تلو الآخر إلى الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كلهم يعلمون الغيب؟
وما مدى علمهم للغيب؟ مطلق الغيب المكنون والمستور على العباد أو هنالك حد لغيبهم (عليهم السلام)، أو لكل منهم حدود الغيب الذي لديه؟
وهل معرفتهم بالغيب مجرد اطلاع أو يمكنهم التعديل عليه، كما فعل الخضر (عليه السلام) على سبيل المثال.
بسم الله الرحمن الرحيم
علم الإمام (عجّل الله فرجه) يتسع لكل حقائق العالم بإذنه تعالى، أو كما يقول السيد الطباطبائي (رحمه الله): إن الإمام وقف على حقائق العالم كيف ما كان بإذنه تعالى، سواء كانت محسوسة أو غير محسوسة، كالموجودات السماوية والحوادث الماضية والوقائع الآتية، وتدل على ذلك الروايات المتواترات المضبوطة في الكافي وبصائر الدرجات وبحار الأنوار وغيرها. [بداية المعارف الإلهية الخرازي: ج2، ص51]
وبطبيعة الحال لا يمكن القول بأن علمهم (عليهم السلام) لا حد له، فإن الذي لا منتهى لعلمه هو الله تعالى فقط، ضرورة أن الحدود والقيود لازمة لجميع عوالم الإمكان، وأما تحديد مواقفهم (عليهم السلام) وتصرفاتهم من خلال الاعتماد على علمهم الغيبي فإن الأمر يعود فيه إلى تكليفهم الخاص، وهم الأعلم بمقتضى المصلحة في ذلك، فقد يعتمدون عليه تارة وتارة يتعاملون بحسب علمهم الظاهري.
نعم ورد أن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في عصر الظهور يعتمد في قضائه وحكومته على ما يلهمه الله تعالى، ولا يعتمد البينة أو المستندات المتعارفة عند الناس، فقد روى أبان بن تغلب عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا قام القائم (عليه السلام) لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمن إلّا عرفه صالح هو أم طالح؟ لان فيه آية للمتوسمين وهي بسبيل مقيم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص671]
وروى كذلك الشيخ المفيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا قام قائم آل محمد (عليه وعليهم السلام) حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾. [الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص387]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)