(١٣١٥) أين موضع منبر الإمام (عجّل الله فرجه)؟
وجدت في موقعكم في حقل موجز دائرة معارف الغيبة أن موضع منبر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في مرقد كميل بن زياد، وفي موضع آخر أيضاً وجدت أن هنالك روايات تقول إن منبر الإمام (عجّل الله فرجه) في مسجد الحنانة، وأيضاً هنالك روايات تقول في وادي السلام حسب رواية الإمام علي (عليه السلام)، وحسب ما هو شائع ومعلوم أن الإمام (عجّل الله فرجه) مقر حكمه في مسجد الكوفة، ومنزله في مسجد السهلة.
فإذن أين هو موضع منبر الإمام (عجّل الله فرجه) مرقد كميل، أم مسجد الحنانة، أم وادي السلام، أم مسجد الكوفة، أم مسجد السهلة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
مرقد كميل بن زياد (رضي الله عنه) إنما هو في منطقة الحنانة والحنانة تقع أيضاً في وادي السلام فالتعدد في الأسماء لا يعني التعدد الذي يستدعي الخروج عن الحدود الجغرافية لظهر الكوفة والتي ورد أنها هي وادي السلام، كما ورد ذلك في الخبر المروي عن أحمد بن عمر، رفعه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إن أخي ببغداد وأخاف أن يموت بها. فقال: ما تبالي حيثما مات، أما إنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلّا حشر الله روحه إلى وادي السلام. قلت له: وأين وادي السلام: قال: ظهر الكوفة، أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون. [الكافي للشيخ الكليني: ج3، ص243، ح2]
وتقع هذه المناطق الثلاث بالتحديد في منطقة (الثوية) وقد ذكر السيد البراقي في كتابه (تاريخ الكوفة) تحديداً لها بقوله: وهذه الثوية تكرر ذكرها في شعر المتنبي، وموقعها اليوم بين النجف والكوفة، المكان المعروف عند عامة الناس بـ(كميل) وهو قبر كميل بن زياد، أحد التابعين المدفون بالثوية، وقريب من الثوية البسيطة. [تاريخ الكوفة للسيد البراقي: ص164]
وذكر أيضاً الشهيد الأول (رحمه الله): فإذا نزلت الثوية وهي الآن تلٌّ بقرب الحنانة عن يسار الطريق، لمن يقصد من الكوفة إلى المشهد، فصلِّ عندها ركعتين، كما روي أن جماعه من خواص مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) دفنوا هناك. [المزار للشهيد الأول: ص32]
وإذا كان الأمر كذلك، فلا تعارض في التعبير عن موضع منبر الإمام القائم (عجّل الله فرجه) وتحديده باسم أحد هذه المناطق الثلاث للتداخل الجغرافي فيما بينها، يُضاف إلى ذلك أن المقصود من كون هذا الموضع منبراً للإمام المهدي (عجّل الله فرجه) إنما بمعنى اختصاصه به، ومؤسساً له من قبله، فقد روى محمد بن جرير الطبري، عن فرات بن الأحنف، قال: كنت مع أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن نريد زيارة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فلما صرنا إلى الثوية نزل فصلى ركعتين، فقلت: يا سيدي، ما هذه الصلاة؟ قال: هذا موضع منبر القائم، أحببت أن أشكر الله في هذا الموضع. [دلائل الإمامة للطبري الشيعي: ص459]
وبذلك يختلف هذا الموضع عن منبر الكوفة فإنه منبر ارتقاه أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن بعده ولده الإمام الحسن (عليه السلام)، ولا يعني ارتقاء الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) له أنه يصبح خاصاً به وهو الأمر الذي تريد رواية الإمام الصادق (عليه السلام) الإشارة إليه بالتحديد، أمّا مسجد السهلة فلم يرد في الأخبار أن فيه موضعاً لمنبره (عجّل الله فرجه) بل الوارد أنه منزل أهله وعياله.
كما في رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: يا أبا محمد كأني أرى نزول القائم (عليه السلام) في مسجد السهلة بأهله وعياله. قلت: يكون منزله، جعلت فداك؟ قال: نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمن، وما بعث الله نبياً إلّا وقد صلّى فيه، وفيه مسكن الخضر [والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلّا وقلبه يحن إليه]. قلت: جعلت فداك، لا يزال القائم فيه أبداً؟ قال: نعم. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج52، ص317]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)