الفهرس
لتصفح الصحيفة ب Flsh

لتحميل الصحيفة ك Pdf

الصفحة الرئيسية » العدد: ٧/ ذي الحجة/١٤٣٠هـ » شيعة زنجبار وهجرة التجدّد
العدد: ٧/ ذي الحجة/١٤٣٠ه

المقالات شيعة زنجبار وهجرة التجدّد

القسم القسم: العدد: ٧/ ذي الحجة/١٤٣٠هـ التاريخ التاريخ: ٢٠١٢/١٢/٠٣ المشاهدات المشاهدات: ١٠٥٧٠ التعليقات التعليقات: ٠

شيعة زنجبار وهجرة التجدّد

زنجبار. الموقع الجغرافي

تقع جزيرة زنجبار سياسياً ضمن إطار دولة تنزانيا، أما جغرافياً فهي تقع على الساحل الشرقي لأفريقيا، وتبلغ مساحتها حوالي ١٦٠٠ كم مربّع، وعدد سكانها حوالي ٣٠٠ ألف نسمة. وينتشر السكان فيها على شكل تجمعات سكانية في قرى صغيرة, حول مزارع مكثفة على طول الجزيرة, والتجمع المدني الكبير في وسط الجزيرة _هو يسمى بالعاصمة_ وفيها يتركز النشاط التجاري.

وزنجبار في اللغة كلمة عربية محرّفة عن كلمة  (بُرج الزنج).

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

مسلمون شيعة زنجباريون قدموا للصلاة في مساجدهم هناك

الواقع الاقتصادي

كانت ممالك شرق أفريقيا _ومنها زنجبار_ مازالت كثيرة الثراء والازدهار. ويقدر (وندل فيليب) استناداً إلى وثائق أوربية أن إنتاج الذهب الذي كان يقدّمه ساحل شرق أفريقيا قارَبَ نصف مليون جنيه إسترليني سنوياً في وقت ما من زمن الوجود العماني، بالإضافة إلى عائدات بيع المحصولات الرئيسة كجوز الطِّيب وجوز الهند والقصب والقُرنفُل, فزنجبار اليوم اكبر مصدر للقرنفل في العالم.

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

موكب عزاء حسيني في زنجبار

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

الفتيات يشاركن في المراسيم الحسينية

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

احدى التجمعات الاسلامية الحسينية في زنجبار

اللغة السائدة في زنجبار

لغة الناس السائدة في زنجبار هي اللغة السواحلية، وهي مزيج من لغات افريقيّة قديمة إضافة إلى اللغة العربية. ويقدّر بعض علماء اللغة أن ٧٠ % من مفردات اللغة السواحلية هي من أصل عربي.

والألفاظ العربية التي نفهمها من اللغة هناك كثيرة، مثل حكومة ووزارة، و"سانتي سانيا"، وهي نُطق مُحرَّف لجملة  أحسنتَ صَنيعاً، وهكذا. وعلى الرغم من ذلك فما زالت اللغة العربية موجودة والناس تتحدّث بها، وهم ينطقونها بالفصحى، ولكنهم لطول عهدهم بها يبذلون جهداً ومشقة عند التحدث بها.

زنجبار والحكم العربي الأول

كانت زنجبار مأهولة منذ العصر الحجري, ودلت الآثار الفخارية على وجود خطوط تجارية قديمة مع زنجبار تعود إلى أيام الأشوريين. فربما يكون التجار العرب (خصوصا اليمنيين وسكان الخليج من العراق وشيراز) ومن الهند قد اتوا زنجبار ابتداءً من القرن الأول الميلادي. فقد استخدموا الرياح الموسمية للإبحار خلال المحيط الهندي للوصول إلى مرفأ  زنجبار.

الإسلام في زنجبار

جاء في دائرة المعارف أنّ أهالي زنجبار دخلوا في الإسلام سنة ٧٢ هجريّة. وقد عرفت زنجبار التشيع منذ ذلك التاريخ، وإنّ المسلمين الشيعة الموجودين حاليّاً في زنجبار هم موجودون منذ زمن قديم.

وأكثر المسلمين الشيعة الاثني عشرية هناك هم من طائفة الخوجة في زنجبار، الذين انتمَوا إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام، على أثر قدوم عالم مسلم شيعيّ إلى هذه البلاد، وكان لهم الفضل في انتشار التشيّع هناك وهم في اصولهم من مهاجري الخليج وإيران والهند والبحرين وعمان والعراق.

وفي زنجبار الكثير من الخوارج الاباضية, وكانت الأسرة الحاكمة منهم.

 قال المسعودي في مروجه أثناء الكلام عن هذه الجزر (أن حكامها كانوا مسلمين) وذلك كان في القرن الرابع الهجري، وقد شهدت تطورا حضاريا في مجالات عدة على ذات النسق الذي كانت تعيشه المدن العربية ومدن الخليج العربي كما يحدثنا "سبنسر ترمنجهام" عن ذلك التأثر الحضاري في شرق إفريقيا عموما وزنجبار خصوصا، بالحضارة الإسلامية فيقول: (وكان الارتباط بحضارات الدول التي جاء منها المستوطنون الأوائل قويا شديدا فعمل الشعب الجديد على تقليد حياة مدن جنوب الجزيرة العربية ومدن الخليج العربي).

ويقول المؤرخ "الأمير شكيب أرسلان" في كتابة ( حاضر العالم الإسلامي ) إن العرب العمانيين قد تملكوا الجزر والسواحل في شرق أفريقيا، وكانت زنجبار تخضع لسلطنة عمان سواء في عهد السلاطين اليعاربة أو سلاطين آل بو سعيد. وكانت السلطة العمانية تمتد إلى مومباسا وماليندي ومقديشو وأسمرة وبعض المدن في وسط أفريقيا, وقد ظلت سيطرة العمانيين على زنجبار وساحل شرق أفريقيا حوالي ألف عام ولم تنقطع السيطرة العمانية عن تلك المناطق إلا لفترات قصيرة بسبب رحلات الاستكشاف البرتغالية التي أعقبها الاستعمار البرتغالي نفسه فانتزعوها منهم عام ١٥٠٣م، وبقيت في أيديهم إلى ان طرد الإمام سلطان بن سيف البرتغاليين من عمان ومن ساحل شرق أفريقيا.

وفي عام ١٨٢٨ للميلاد قام السلطان سعيد بن سلطان بزيارة إلى زنجبار, فاستهواه جمالها وطيب مناخها, فجعل من الجزيرة مقره الرسمي وعاصمة لمملكته, يحكم منها عمان وساحل افريقيا.

أدى تواجد العرب والمسلمين القادمين من عمان وبلاد فارس إلى ازدهار الجزيرة وجعلها ميناء للتجارة بأنواع مختلفة من البضائع. كما تمتعت بعلاقات وثيقة مع الصين والهند وأوروبا.

جذبت روائع زنجبار العديد من الرحالة المعروفين، والذين كان من بينهم الرحالة المغربي ابن بطوطة. وقد تحدثوا جميعا عن ميناء زنجبار المزدحم. يقال أن المسلمين الفارسيين قد جاءوا إلى هناك منذ القرن العاشر الميلادي. حتى أن بعضهم قد استقر هناك وتزوج من السكان المحليين. ما زال أحفادهم يقيمون هناك وهم يعرفون بالشيرازيين.

زنجبار الآن

حتّى صباح يوم السبت ١١ كانون الثاني عام ١٩٦٤، كانت زنجبار جزيرة عربية مستقلة، يحكمها السلطان جمشيد بن عبد الله بوسعيد، أحد أحفاد السلطان سعيد بن سلطان.

حتى ظهرت تنزانيا ككيان سياسي عقب استقلال تنجانيقا في ٩ كانون الأول ١٩٦١م وخروجها من الوصاية البريطانية، أما زنجبار فقد حصلت على استقلالها من بريطانيا في كانون الأول ١٩٦٣. وخلال هذين العامين بين استقلال تنجانيقا وزنجبار كانت بريطانيا قد هيّأت المسرح لما بعد استقلال زنجبار بشهر ونصف فقط، حيث جرت وقائع الانقلاب الدموي الذي خُلع به سلطان زنجبار. في ٢٦ نيسان ١٩٦٤ أي بعد الانقلاب بأربعة أشهر أُعلن قيام الوحدة بين تنجانيقا وزنجبار، وأصبح اسم الدولة الجديدة تنزانيا، واختيرت دار السلام عاصمة لها. ونصّ اتفاق الوحدة ثم الدستور على أن يتولى الرئاسة جوليوس نيريري، وأن يليه في الرئاسة حاكم زنجبار. وتشكّلت حكومة محلّية لزنجبار وفوّضت في بعض الصلاحيات المحلية التي من خلالها حاولت الإدارة في زنجبار أن تحتفظ لنفسها بهوية مستقلة نسبياً، وقد ظلت الوظائف الإدارية العليا والإشرافية وبخاصة في الشرطة والجيش في أيدي الأفارقة ذوي الأصول غير العربية، ولكن هذا الاتجاه بدأ يقل تدريجياً بعد ضعف النعرات العرقية واستقرار الأحوال بالدولة الجديدة.

التواجد الشيعي في زنجبار

تتجاوز نسبة المسلمين الشيعة بين المسلمين اليوم في زنجبار الـ ١٠ %، وهم يتواجدون في دار السلام, وليندي وتانغا – وسنفيدي, وتابورا, ومتوارا, ومبيا وعروشا, وكيبوندا وزنجبار.

مؤسسات شيعية زنجبارية

وللشيعة العديد من المساجد والحسينيات الخاصة بهم منها:

مسجد كيزمكازي أو شيرازي:

يشكل مصدر فخر للسكان المحليين. أن له تاريخاً مدهشاً له صلة ببنائه. ما يزال يمثل التواجد الإسلامي الذي جاء به الإيرانيون حاضرا من خلال هذا المسجد القديم الذي يحمل هذا الاسم. يعرف الجامع محليا أيضا باسم مسجد شيرازي ديمباني وهو يقع بالقرب من قرية صيادين التي تقع إلى الجنوب من ستونتاون. يزيد عمر المسجد عن مائتي عام، ومع هذا ما زالت بنيته صلبة قوية. وتزين جدران المسجد الأمامية ومحرابه عبارات من القرآن الكريم نحتت بالأحرف الصوفية.

مسجد الخوجة في دار السلام, ومسجد أهل البيت عليهم السلام, ومسجد أنصار الامامية ومسجد جميعة الخوجة الشيعة في عروشا, ومسجد كيوندا في زنجبار.مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

أما الحسينيات ففي زنجبار حسينيات بعدد المعصومين الأربعة عشر منها حسينية المأتم, التي يرجع تأريخ بنائها إلى ما قبل ١٤٠ عاماً.

وفي العاصمة (الحسينية الحيدرية) و(حسينية أبي الفضل العباس عليه السلام).

ومن أهم مراكز الشيعة في البلاد : مركز دار الهدى (مركز ومدرسة لها فروع عديدة), ومركز (بلال مسلم) ومركز (ياز) ومركز (السيد الخوئي), ومدرسة (أهل البيت عليهم السلام), ومدرسة (الزهراء عليها السلام) في العاصمة، بالإضافة إلى مراكز أخرى موزعة في البلاد مثل حوزات (أهل البيت عليهم السلام) وحوزة (ولي العصر عليه السلام) في عروشا ويانكان ودار السلام ومناطق أخرى.

ويبلغ عدد الطلبة في هذه المدارس والحوزات ٤٠٠ طالب، يدرسون الدراسة الدينية, هذا بالإضافة إلى العشرات من التانزانيين يدرسون خارج البلاد وخصوصاً في إيران وسوريا.

نشاطات شيعة زنجبار

ظلّ المسلمون الشيعة في زنجبار محافظين على انتمائهم المذهبي والتزاماتهم الدينيّة، وظلّوا يحملون احتراماً كبيراً للأماكن التي شيّدها آباؤهم وأجدادهم، ولذلك نرى بعضهم يخصّص المبالغ الطائلة من أجل إعمار بناية قديمة مندثرة تتعلّق بالآباء والأجداد. ويحاول هؤلاء الشيعة ـ باستماتة ـ حفظَ الهويّة الإسلامية الشيعيّة، ويدلّل حضورهم الكبير كلّ سنة في مراسم الأربعين ومساهمتهم في إحيائها على هذه الحقيقة. ولذلك فقد نرى أن أحدهم ينفق مبالغاً كبيرة من أجل الحضور في زنجبار خلال هذه المراسم قادماً من أقصى بلاد الغرب، لإقامة عزاء الإمام الحسين عليه السلام، وكأنّه يبحث عن ضالّته المنشودة في تلك الديار.

وهؤلاء الشيعة هم جماعة تسعى لحفظ هذا الميراث التاريخي العظيم هناك.

وتتلخص نشاطات المسلمين الشيعة هناك بإقامة المراسم الدينية الإسلامية مع نشر وطباعة الكتب باللغات السواحلية والانجليزية وإصدار المجلات مثل "لايت" باللغة الانجليزية و"صوت بلال" باللغة السواحلية، وكذلك إقامة المؤتمرات للتعريف بالشيعة ومذهب أهل البيت عليه السلام. لإبراز التراث الإسلامي الإمامي في تنزانيا ومدينة عروشا إحدى معاقل الشيعة الكبيرة في أفريقيا، ومن أبرز هذه النشاطات:

١ - حلقات تحفيظ القرآن الكريم

٢ - الدراسة الحوزوية

٣ - حلقات دراسية في نهج البلاغة

٤ - الاحتفالات بمواليد  وشهادات المعصومين عليه السلام.

٥ - إطلاق برامج وحملات توعوية

شخصيات مسلمة شيعية من زنجبار

في زنجبار شخصيات شيعية برزت بنشاطها المتميز، ومنهم:

١. الحاج رحمة الله تيجاني: وله دار ضيافة ينزل فيها غرباء الشيعة.

٢. ناصر نور محمد, ولد مستوصف لمعاينة المرضى مجاناً.

٣. داتو حماني, وقد انشأ دار توليد مجانية.

٤. مرتضى سليمان, شخصية مرموقة من أصل تنزاني.

٥. الشيخ أبو موسى حسن بن محمد, وهو من شيد مسجد كيزمكازي أو شيرازي.

٦. محمد رضا بيار علي, وهو مدير جماعة الخوجة الاثني عشرية في عروشا.

٧. احمد بن النعمان, وهو اول مبعوث للولايات المتحدة ويقام في منزله مأتم ابي عبد الله الحسين عليه السلام ما زال مستمراً.

٨. علي باتو, وقد أدى خدمات كبيرة لدولة زنجبار خلال الفترة بين ١٩١٤ ـ ١٩١٨ م
وقد اقنع السلطان في وقتها على أن يكون يومي عاشوراء والأربعين عطلة رسمية في زنجبار.

زنجبار وحركة الاستبصار

والجدير بالذكر أن حركة اعتناق المذهب الشيعي أصبحت ظاهرة واضحة في أوساط التانزانيين، فقد دخل الكثير من المثقفين في هذا المذهب وألفوا كتباً كثيرة مثل (تاريخ الإسلام) و (زواج المتعة صحيح) و (ارشاد المتعلمين) و (طاولة الاكتشاف) و (هل تعرف الصلاة) و (حقوق البشر في الإسلام) و (الخمس والزكاة) و (مسائل الإسلام) و (ما هو الإسلام) و (الشيعة) وهناك كتب أخرى عديدة تصدى لتأليفها المستبصرون في هذا البلد.

وما يفرح القلب ان هناك حركة دعوة جديدة حالية على يد شيخ مستبصر اسمه "أحمد الخطيب" ولديه اتصالات مع من يحب ان يساهم في نشر فكر أهل البيت عليهم السلام فقد استطاع ان يدخل للمذهب الكثيرين.

ما يعانيه شيعة زنجبار

ان هناك مسلمين شيعة زنوج في زنجبار وهم من أصل وثني وهؤلاء جدد على الاسلام ولا يعرفون الطقوس ولا الممارسات الدينية التي يقوم بها الشيعة كما ينبغي ويحتاجون إلى مرشدين وواعظين, وهم يسعون إلى أن يحصلوا على من يتبرع لهم بمستشفى ومدرسة لأبنائهم .

وهناك حاجة ملحة لدرجة إلى المصاحف والكتب التي تتحدث عن فكر أهل البيت عليهم السلام وكتب الأدعية باللغة الانجليزية.

ومن جهة أخرى فإن الدولة هناك بدأت تسيطر على الأماكن المتعلقة بالمسلمين الشيعة وتبيعها لسواهم.

كذلك تعرضت منطقة _كيبوندا_ وهي محلة المسلمين الشيعة في زنجبار إلى الاندثار وضياع هويتها التاريخية والمذهبية, وخاصة بعد سنة ١٩٦٤م ولعل وقتا طويلاً لن ينقضي قبل ان نشاهد محو الآثار الباقية للمسلمين الشيعة هناك.

ويقيناً أن أيادي المخلصين إذا ما امتدت للمساعدة في الحفاظ على هذه الآثار والمساجد التاريخية, وفي رفد جهود المسلمين الشيعة القاطنين في زنجبار فإن هذه الآثار وهذه المراسم ستبقى شاهداً حياً على حضور محبي أهل البيت عليهم السلام وأتباعهم في تلك البلاد.

التقييم التقييم:
  ٣ / ٣.٠
التعليقات
لا توجد تعليقات

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *
التحقق اليدوي: *
إعادة التحميل
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم

ما ينشر في صحيفة صدى المهدي عليه السلام لا يعبر بالضرورة عن رأي الصحيفة بل هي آثار الكتّاب والأدباء