ادلة وجود الامام المهدي عليه السلام
الشيخ محمد حسين الفقيه(رحمه الله)
ألقى سماحة الشيخ محمد حسين الفقيه محاضرة بعنوان (أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام) بين فيها بعض الأدلة المتوفرة على وجود مولانا صاحب العصر والزمان عليه السلام.
وتضمنت المحاضرة المحاور التالية:
١. إن الصادقين الذين أمرنا الله سبحانه وتعالى باتباعهم لابد وان يكونوا معصومين فلا يجوز إتباع غير المعصوم تبعية مطلقة.
٢. إن وجوب اتباع الأئمة عليهم السلام من آل بيت النبوة عليهم السلام لدليل لا يدانيه دليل على عصمة أولئك المتبوعين عليهم السلام.
٣. ان عدم افتراق أهل بيت النبوة عليهم السلام عن القرآن دليل على وجود من يفسر القرآن وكما أكدته السنة النبوية الشريفة أي وجود إمام يفسر القرآن والى يوم القيامة.
ابتدأ الشيخ محاضرته بعد حمد الله تعالى والتسليم على خير خلقه أجمعين وعلى آله الطاهرين عليهم السلام بـحديث (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يظهر رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً).
واليكم خلاصة المحاضرة:
تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أن الدنيا لا تنتهي إلا على يد حجة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم, والروايات في ذلك مختلفة اللفظ, منها (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يظهر رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا).
والروايات التي جاءت في كتب المسلمين عن مسألة المهدي عليه السلام متواترة, والخبر _كما هو مبين_ في علم الحديث أما خبر متواتر وأما خبر واحد, أما الخبر المتواتر فهو الخبر الذي ينشأ من اجتماع جماعة على شيء يمتنع تواطؤهم على الكذب فيه فيسمونه خبراً متواتراً, فمثلاً ان المكي, الكوفي,البصري, الخراساني, والمدني أو غيرهم يتوافق أنهم يروون الرواية أو الخبر فيكون الخبر متواتراً بمعنى لا يمكن ان يكون هؤلاء مجتمعين على الكذب, ومثال ذلك أيضاً يدخل شخص فيقول فلان حادثة حدثت في الشارع, بعد قليل يدخل شخص ثان ويقول فلان حادثة حدثت في الشارع أيضاً, بعد فترة يدخل ثالث يقول يوجد حادثة حدثت في الشارع, خمسة أو ستة أشخاص لا احد منهم يعرف الآخر وان كانوا ضعافاً وليسوا بثقاة, لكنهم ينقلون نفس الخبر، فهذا يسمى خبراً متواتراً.
والخبر المتواتر فيه ميزتان, الميزة الأولى هو أنه كالقرآن، بمعنى لا يوجد فرق بين الخبر المتواتر وبين القرآن في لزوم الأخذ بمضمونه. والميزة الثانية هي أن الخبر المتواتر يفيد القطع ويفيد العلم, يعني ان نسبة وقوع الحادثة التي ينقلها هي ١٠٠%.
ونحن في مسألة الحجة عليه السلام, صاحب الزمان نستدل بالأخبار المتواترة عند المسلمين,وانها ليست عشرات الروايات بل مئات الروايات، واردة في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي أنه يوجد إجماع عند المسلمين ان الدنيا لا تنتهي إلا على يد الحجة من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم, حتى ان ابن باز - وكان شيخ الوهابيين في السعودية,قبل أكثر من عشرين عاما - عندما سئل عن مسالة المهدي عليه السلام قال: (نعم نحن نعتقد بالمهدي عليه السلام, والذي ينكر المهدي عليه السلام جاهل).
وان بعض إخواننا من علماء السنة قد صرح ان منكر المهدي عليه السلام كافر لان من ينكر المهدي عليه السلام فقد أنكر ضرورة في الإسلام، وإجماع المسلمين يقول بذلك.
اما الأدلة على وجود هذا الإمام عليه السلام الهمام فهي:
الدليل الأول:
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
ان الفخر الرازي إمام أهل السنة يستدل بهذه الآية ويقول: أولا الآية تقول (وكونوا مع الصادقين) وان الصادقين تعني هنا جماعة معينة, وان هؤلاء معصومون, لأنه لا يجوز إتباع غير المعصوم تبعيةً مطلقة, بينما الآية أمرت المسلمين ان يتبعوا الصادقين _بما أنهم صادقون_ تبعية مطلقة (وكونوا مع الصادقين) وهؤلاء الصادقون إتباعهم واجب بالآية, فهم معصومون وإتباع غيرهم تبعية مطلقة حرام.
ومما لا شك ولا ريب فيه أن القرآن نزل ليكون خالداً إلى يوم القيامة, نزل قانوناً للبشرية عموماً وإلى يوم الدين, فمعنى ذلك ان الصادقين هؤلاء _وهم المعصومون_ موجودون في كل زمان, وهذا ما يوافقنا عليه الإمام الفخر الرازي لان القرآن ما نزل لأيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعيده فقط وإنما نزل إلى يوم القيامة, ومعنى ذلك ان هؤلاء الصادقين الذين يجب تبعيتهم تبعية مطلقة والذين هم معصومون موجودون في كل زمان وإلى يوم القيامة فكلمة (الصادقين) في (كونوا مع الصادقين) تنطبق على الإمام الحجة بن الحسن عليه السلام الإمام مهدي آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم, فإن لم يكن المهدي عليه السلام من بين الصادقين, فمن هو المعصوم في هذا الزمان إذن؟
الدليل الثاني:
في حديث الثقلين وهو خبر متواتر ليس فقط عند الشيعة، بل هو متواتر عند السنة أيضاً, وجاء عن طريق السنة بـ٣٥ طريقاً يفيد القطع, وقد قلنا أن الخبر المتواتر مثل القرآن, وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي ألفاظ مختلفة (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض لا تقدموهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم) فالأشخاص الذين قرنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن يجب أن يكونوا معصومين مثل القرآن, وهذا أولاً, أما ثانيا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول انتم إذا اتبعتم القرآن والعترة لن تضلوا, فإذا كان العترة أنفسهم غير معصومين أيمكن أن يعصمونا من الضلال؟ إذا يجب في العترة أن يكونوا معصومين ١٠٠% عن الضلال فيعصموا الأمة عن الضلال, فلا شك ولا ريب أنّ حديث الثقلين يدل على عصمة العترة عليهم السلام, عصمة أهل البيت عليهم السلام هذا أمر, والأمر الآخر فإن نفس حديث الثقلين يدل على وجود المهدي عليه السلام بالفعل.
لأنه من العترة كما أسلفنا إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي. فإن النبي ترك هذين العنصرين بعد وفاته حتى يعصمونا من الضلال، وأنه ترك هذين العنصرين إلى يوم القيامة لأن رسالته عليه السلام خاتمة, وحديثه صلى الله عليه وآله وسلم حقيقة وصدق فلابد من وجود المهدي عليه السلام حتى لا تتحقق الضلالة.
الدليل الثالث:
ما يقوله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الثقلين أيضاً (وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) ويعني أن القرآن موجود مع العترة إلى يوم القيامة وانهما لن يفترقا, ومعنى ذلك ان القرآن موجود ولكن واحداً من العترة وهو معصوم أيضاً يجب أن يكون موجوداً وانهما أي القرآن والمعصوم لن يفترقا حتى يردا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحوض يوم القيامة. وهو دليل التلازم.
والدليل الرابع:
هو الحديث النبوي الشريف المعروف بين المسلمين ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية), هناك مصادر لمفكرين، وفي مصادر سنية إسلامية فيها (في الحديث) جاءت فقرة (ولكل زمان إمام) فإذا كان المهدي عليه السلام غير موجود الآن فمن حقنا أن نسال المسلمين من هو إمام زمانكم الآن؟ إذن ان الإمام الذي إذا لم نكن نعرفه فسنموت ميتة جاهلية هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام, محمد بن الحسن المهدي عليه السلام.
الدليل الخامس:
وجود نصوص صحيحة في صحيح البخاري وصحيح مسلم, نصوص متواترة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال الدين قائما أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة وكلهم من قريش عددهم كنقباء بني إسرائيل) وهذا الحديث القطعي الذي ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم لا ينطبق إلا على أئمة أهل البيت عليهم السلام, أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم محمد المهدي عليه السلام.
هذه أدلة قطعية علمية على ان لنا إماما في هذا الزمان إماما معصوما نصبه الله, عينه الله عز وجل,وفي هذا راجع كتاب المجالس للسيد محسن الأمين فقد جاء فيه أن علماء السنة ومنهم ابن طلحة الشافعي ومنهم صاحب الفصول المهمة, وآخرون منهم قد اعترفوا بولادة المهدي عليه السلام.
وقد ذكر الشيخ لطف الله الصافي في كتابه (منتخب الأثر حول الإمام المنتظر) خمسةً وستين عالماً من إخواننا علماء السنة, يعترفون أيضاً بولادة الإمام المهدي عليه السلام في ليلة النصف شعبان سنة ٢٥٥هـ في مدينة سامراء.
اللهم ثبتنا على ولاية وليك الحجة بن الحسن عليه السلام’, اللهم ارزقنا رأفته ودعاءه, اللهم اجعلنا من أنصاره وجنده, اللهم عجل فرجه بالقريب العاجل.
والسلام على أجداده الطاهرين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.