الصفحة الرئيسية » البحوث والمقالات المهدوية » (٢٥٢) الاستخلاف والتمكين ودور الإعلام في التهيئة لذلك
 البحوث والمقالات المهدوية

المقالات (٢٥٢) الاستخلاف والتمكين ودور الإعلام في التهيئة لذلك

القسم القسم: البحوث والمقالات المهدوية الشخص الكاتب: صباح محسن كاظم تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٦/٠٤ المشاهدات المشاهدات: ٣٣٨٣ التعليقات التعليقات: ٠

الاستخلاف والتمكين ودور الإعلام في التهيئة لذلك

صباح محسن كاظم

الوعد الإلهي باستخلاف الإنسان في الأرض كجوهر الوجود, ومن ثم تمكينه فيما لو عمل صالحاً لخدمة الإنسانية من أجل تحقيق آمالها وطموحاتها بأنْ يعيش الناس أحراراً. قد أكدّه القرآن الكريم بخطابه الإنساني الجليل ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظيمٌ﴾ [المائدة: ٩].
أي أنْ يستبدل الباري عز وجل خوفهم أمناً واطمئناناً لتحقيق المجتمع الصالح, بوراثة الأرض كما وعد الأنبياء من قبل.
فالتوحيد الحقيقي وإتباع دعوات الرسل والأنبياء يدعو إلى الصفاء والوئام والسلم والسلام العالمي, ومن خلال المشروع المهدوي الإنساني يصل صوت الإمام العدل المنتظر إلى أرجاء الإنسانية لتؤمن بدعوته التي هي استمرار لمنهج السلف الصالح من الأنبياء, والأولياء, ويتحقق الأمن والسلام، وتخلو الأرض من الرذيلة، وتعم الفضيلة، وينزوي العنف، ويوأد الغل، ويتراجع الكره، وينحسر الحقد، ويعم الحب، ويظهر الرخاء، وتنبلج السعادة، ويذوي الألم، وتخرج الأرض كنوزها. وتزرع الأرض لمن يستصلحها.
إن تحقيق الاكتفاء الاقتصادي, والزراعي, والصناعي, مع الإيمان العميق يشعر الإنسان بحلمه الضائع من فردوس الأرض المفقود طيلة تأريخ البشرية, فالاستقرار الاجتماعي رديف للاستقرار الاقتصادي, فتوزيع الثروة العادل يلغي التفاوت الطبقي.
فيجعل الناس سعداء بما يملكون وينتفي الفقر والفاقة والعوز وينتفي الحرمان والقهر في دولة العدل الإلهي وذلك، حينما يستخلف بقية الله في أرضه, ليتنعم الجميع بظلاله الوارفة التي تغدق خيراً ومسرات على المستضعفين بالأرض بإحقاق الحق.
إن جميع النظريات الاقتصادية لم تحقق العدالة الاجتماعية بل خلقت تفاوتاً طبقياً بين أفراد المجمتع, عن طريق استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وامتهان كرامته وتقييد معصمه، من أجل الربح وتوسيع دائرة الثروة وجمعها بالشكل الفاحش بالربا, وتجارة الحشيشة, والخمور, وتجارة الجنس والرذيلة, فيتولد اليأس والإحباط من التغيير.
لكن الأمل في خروج الموعود وإقامة العدل, وهنا يأتي دور الإعلام الهادف في إشاعة هذا الأمل، والذي ينبغي أن يشيع الانتظار الإيجابي، فالإعلام المهدوي الإسلامي يبعث في القلوب الحائرة الكسيرة الطمأنينة والبشارة القادمة التي تمد النسغ الروحي بالتفاؤل العميق والقضاء على مارد اليأس والإحباط والقنوط بسبب انتشار الانحراف والظلم والفساد الإداري والمالي والأخلاقي. فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: يقاتلون والله حتى يوحد الله ولا يشرك به شيئاً.
وعن أبي بصير أنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام): فما يكون من أهل الذمة عنده؟
قال (عليه السلام): يسالمهم كما سالمهم رسول الله ويؤدّون الجزية وهم صاغرون.
فتحقيق الإصلاح من حيث وجد الفساد يتم عن طريق التمكين الإلهي بالاستخلاف، والتمكين الإلهي يتم بعد نصرة الإمام بالانتظار الايجابي ووجود القادة الـ(٣١٣) الذين يناصرونه وهم بعدد أصحاب بدر لينتصر الحق ويدحر الباطل بعد أن تستنفذ النظريات الوضعية كل تجاربها, فاشتراطات الحلم الإنساني يحققها الأمل الموعود, ويحقق الله سبحانه وتعالى إرادته عن طريق أوليائه المخلصين.
والتكليف الشرعي ليس الصمت على الظلم, بل مقاومته ونقده، فالإعلام يهيئ للإصلاح بالنطق بالحق ويجاهد بذلك كما جاهد العلماء والأبرار بمقاومتهم الفساد ومجابهة الطغاة ومطالبتهم بالإصلاح، كما حث القرآن الكريم على ذلك آناء الليل وأطراف النهار ﴿الَّذينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ في‏ سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ في‏ سَبيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعيفاً﴾ [النساء: ٧٦]، ﴿وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبيكُمْ إِبْراهيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفي‏ هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى‏ وَنِعْمَ النَّصيرُ﴾ [الحج: ٧٨] ﴿وَقاتِلُوا في‏ سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ﴾ [البقرة: ١٩٠] ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ في‏ سَبيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: ٦٠].
لذلك أكدّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وآل البيت (عليهم السلام) وبعدهم جميع الفقهاء على الجهاد في سبيل العقيدة وحفظ المجتمع والدفاع عن الحقوق ونصرة المظلوم ومقاومة الطغاة.
وقول أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا المجال شمس لا يحجبها غربال (أما والذي فلق الحبة, وبرأ النسمة, لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر, وما أخذ الله على العلماء, أنْ لا يقارّوا على كظّة ظالم, ولا سغب مظلوم, لألقيت حبلها على غاربها).
وهذا سيد الجهاد وسيد الشهداء الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) الذي قدم أروع نموذج في التأريخ الإنساني بتضحيته في سبيل الله وسبيل الحق ومقاومة الباطل والدعوة للإصلاح يروي عن جده النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله (صلىّ الله عليه وآله وسلم) يعمل فيعبد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أنْ يدخله مدخله.
إنّ الإعداد التعبوي للقواعد الشعبية بالتعبئة الإعلامية الموجهة التي تربط الأمة بإمامها العادل سيمكّن لها بالاستخفاف لهداية البشرية وانتشالها من دياجير الظلمة, فالفساد ظلام والإيمان نور...
فإرهاصات التغيير والصيرورة الحضارية تنير الدرب بشعلة الإمام الموعود الذي سيحقق حلمها الطويل.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016