الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٣٧ / جمادي الثاني / ١٤٣٣ هـ
مواضيع العدد
العدد: 37 / جمادي الثاني / 1433 هـ

المحاضرة المهدوية: الانتظار ماذا يعني

المحاضرة المهدوية: الانتظار ماذا يعني

السيد هادي المدرسي

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلام

ابتدأ السيد المدرسي محاضرته بقوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني‏ لا يُشْرِكُونَ بي‏ شَيْئاً).

ثم قدم لها بقوله:

منذ ألف ومائة وثمانية وأربعين عاما والإمام المهدي عليه السلام حقيقة قائمة حتى وإن أنكرها البعض، ومنذ عام مئتين وخمسة وخمسين للهجرة، والإمام المهدي ينتظر تلك اللحظة التي يأذن الله له فيها بالظهور بالجهاد. وكما أن من أنكر الشمس، فإنها لا تخفى بسبب إنكاره، كذلك الحال بالنسبة إلى الإمام المهدي عليه السلام. فإن هنالك من ينتظر قدومه، وهنالك من ينكره. وحتى من ينتظر ظهوره، هناك أناس ينكرون ويكفرون به حينما يظهر، كما كفر كثير من أهل الكتاب، بعد أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رغم أنهم كانوا ينتظرون بعثته.

انّ الإمام المهدي جزء من الغيب الذي نؤمن به، وهو الذي ادخره الله لنصرة دينه، إذ وعد الله المؤمنين بالنصر، في كتبه السماوية كافة، في التوراة، والزبور، والإنجيل، والقرآن الكريم، يقول تعالى : (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلي).

أعقبها بسؤال قال فيه السيد المحاضر:

ما هي الرابطة بيننا وبين إمام غائب، ونهيء أنفسنا له؟ وكيف يقود من هو غائب، وكيف يكون اماماً؟

ثم استمر المحاضر بشرح محاور محاضرته، والتي كانت جواباً على استفهامه، والمحاور هي:

1. الإمام يقود العالم وهو غائب عن أنظارنا كمن كان مميزاً لنواظرنا.

2. أن نعتبر الإمام عليه السلام قدوة لنا ونمتثل أمره كأن كلا منا أحد جنوده.

3. أن نعتصم بالإمام عليه السلام ونقطع الرابطة مع غيره.

وإليك موجزاً بالمحاضرة:

أولاً : أن نقر بأن الإمام الغائب يقود كما لو كان حاضراً.

وذلك بعلمه والاهتداء بهديه، والإستماع إلى رأيه، والعمل بأمره، ونحن نتساءل أيضاً: كيف كان الإمام علي إماماً للذين عاصروه. إنه كان إماما لهم حيث كانوا يستمعون إليه، ويأخذون برأيه، ويعملون بأمره. وهكذا فالإمام المهدي له أمر بالنسبة لنا، وله كلمات وهدى، ولقد حدد لنا الإمام عليه السلام مسيرتنا، وبيّن ومسيرنا في هذه الحياة، وكيف لا يكون ذلك وهو القائل:

(وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم).

لقد حدد المسيرة والمسار في غيابه، وأرشدنا إلى من نرجع، وممن نأخذ التعاليم، ونعطي الإنقياد.

لقد ربطنا الإمام بالعلماء الأمناء، أولئك الذين يحملون الرسالة ويتحملونها. وهم وكلاؤه وهو غائب عن الأنظار، وهم قادتنا اليوم في مسيرة الحياة .. وتماما كما لو أن الإمام لو ظهر فإنه لن يستطيع الحضور إلى كل بيت وزقاق، ذلك لأنه بشر محدود الجسم، بل إنّه يعين وكلاء ينوبون عنه، ولا بّد من الأخذ برأيهم، وكما أن علينا الاقتداء به في حضوره عبر وكلائه، فكذلك الآن وهو غائب.

ثانياً : ان نعتبر الإمام قدوة لنا وكأن كل منا أحد جنوده.

فكما إن الأئمة كانوا قدوات لمن كان يعاصرهم، كذلك الإمام المهدي، فهو قدوة وأسوة بالنسبة الينا.

واقتداؤنا بالإمام يعني أن تصور أنه ظاهر الآن، نرى كيف يعمل؟ وأين يكون ذلك؟ وأين يذهب؟ ومع من يتعامل؟ ومن يقاتل؟فنصادق أصدقاءه، ونعادي أعداءه.

نعم ان من يصلح أمره، يعيش كما أراد الله _عزوجل_ فإنه يكون مستحقاً، لرؤية الإمام المهدي، لأنه إمام المتقين، كجده علي بن أبي طالب _أمير المؤمنين عليه السلام_ وهو لا يظهر عند فاسق فاجر.

ثالثاً: أن نقطع الرابطة مع غير الإمام عليه السلام.

لننظر إلى أنفسنا، إننا نتحدث عن الإمام بصفات عدة، فنقول: إنه صاحب الأمر والزمان والعصر، وإنه إمام الأمة، وهذه الصفات _كلها_ تتطلب أمراً سلبياً معيناً وهو قطع كل الروابط مع غيره، كما أن التوحيد يتطلب نفي الآلهة الأخرى: (لا إله إلا الله).

فحينما نقول إن الإمام المهدي صاحب الأمر، فذلك يعني أننا نرفض أن يحدد لنا أي مستكبر طاغوت، مسيرة حياتنا.

وحينما نقول إنه صاحب الزمان، فذلك يعني أننا نرفض، أن يتحكم فينا الزمان، أو العادات والتقاليد الخرافية السائدة في المجتمع، لأنّ لنا صاحباً معيناً.

وحينما نقول إنه الإمام ونحن ننتظره، فإننا نرفض أية قيادة لا تمت إليه بصلة.

أما أن يقبل الإنسان بالقيادات المزيفة القائمة في بلاده. ثم يتساءل : ما فائدة إمام غائب؟ فإن مثل هذا الإنسان لا ينفع معه إمام غائب ولا إمام حاضر.

ومن هنا لا بّد أن نبين نقطة ضرورية وخطيرة، وهي أن الارتباط بالإمام المهدي عليه السلام ليس ارتباطاً عبر النوم والأحلام، وإنما هو ارتباط في اليقظة والعمل والممارسة.

إن رابطتنا بالإمام ليست رابطة غيبية، بل هي رابطة روحية، فلعلّ الإمام يرانا الآن، ولعلنا جالسين في محضره.

وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السلام وهو يتحدث عن ذلك الإنسان الغائب بين الناس، حين قيامه عليه السلام، يقول الإمام:

(إذا قام القائم،ودعى الناس إلى الإسلام جديداً، وهداهم إلى أمر قد دُثر وضل عنه الجمهور (يعني غالبية الناس)، وإنما سمّي مهدياً لأنّه يهدي إلى أمر مضلول عنه).

فالعلاقة بالإمام المهدي إذن هي أن نرفض القيادات الزائفة، ونقتدي بوكلاء الإمام، ونعمل بالإسلام الذي دثره الحكام الظلمة، والأمراء الفسقة، ونعقد مع الإمام رابطة عمل وجهاد، وفعل وممارسة.

العدد: ٣٧ / جمادي الثاني / ١٤٣٣ هـ : ٢٠١٢/١٢/١٥ : ٥.٢ K : ٠
: السيد هادي عيسى الحكيم
التعليقات:
لا توجد تعليقات.