الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ١١ / ربيع الثاني / ١٤٣١ هـ
مواضيع العدد
العدد: 11 / ربيع الثاني / 1431 هـ

الأطروحة المهدوية

الأطروحة المهدوية

الحلقة الثانية

المهدوية اطروحة انسانية

السيد كمال الحيدري

مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي عليه السلامانتهى بنا الكلام إلى المحور الثالث، وانتهينا إلى ان الانتظار ليس من الوهم، وتحدثنا عن اشكالية معرفة الإمام ولماذا لايعرّف نفسه، وها نحن نشرع بالحديث عن

 المحور الثالث:

الإمام هو من سيحقق هذه النبوءة, أي نبؤة ظهور الإمام عليه السلام, وهل هناك أدلة تبين لنا مواصفات هذا الشخص او ان ذلك ترك لغد الذي فيه سوف يظهر أو سوف يولد, وما هي مواصفاته؟ فهل هذا متروك أيضاً؟ او انه مبين؟ بمعنى أن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال وبروايات مقبولة من المدرستين الاسلاميتين (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من أهل بيتي....) هذا الرجل ما هي مواصفاته ما هي خصوصياته؟ ابن من هو؟ ما هو نسبه؟ الى من يرجع؟ هل ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى كل من ادعى, واذا كان ترك الناس الى كل من ادعى فكيف يكون ذلك والحركات التي ادعت وتدعي المهدوية على مر التاريخ هي بالعشرات كما نعلم.

وجواباً على ذلك نقول: ان خاتم الانبياء بل ان كل الانبياء ذكروا الإمام عليه السلام بالاسم والصفات وكما ورد في الكتب السماوية المقدسة, التوراة والانجيل.

فكل التفاصيل عنه عليه السلام مذكورة عند الأنبياء السابقين.

وكيف يعقل ان اطروحة بهذه العظمة وبهذه السعة وبهذه الاهمية, وهي اطروحة لتحقيق هدف وغرض وامل كل الانبياء عليهم السلام ومع ذلك يسكت عنها ويقال فيها فقط انه سيولد! فهذا خلاف المنطق وخلاف العقل وخلاف الفطرة السليمة, كيف يعقل بان انسان على هذا المستوى من الاهمية ولا يبين له أو عنه شيء؟!.

ومن ذلك يتضح ان مسألة من سيحقق لنا هذه النبوءة الالهية هي مسألة اعم من ان تكون إسلامية قرانية او من اية رسالة أخرى.

المحور الرابع:

إذا عرفنا خصوصيات هذا الشخص وهذا القائد الذي سيحقق العدل على وجه الارض, يأتي التساؤل: هل سيولد هذا القائد وهذا الإمام بعد ذلك او انه مولود الآن وحي يرزق؟ وهذا هو من المحاور الاساسية ومن مفاصل الافتراق بين مدرسة أهل البيت عليهم السلام والمدرسة الاخرى _اعني مدرسة الصحابة_ حيث آمنت مدرسة اهل البيت عليهم السلام بأنه ولد وانه الان حي, وان الارض لا تخلوا من إمام حق او من حجة ونحو ذلك, اما الآخرون فقد قالوا بأن الأمر ليس كذلك.

من هنا علينا ان نثبت انه ولد وانه موجود.

فعندما نراجع بعض الكتب وبعض الروايات والمقالات نجدها تكلمت عن وقوع ولادته عليه السلام وعن ولادات الائمة عليهم السلام جميعا وهي واضحة صريحة قوية, صحيحة السند.

المحور الخامس:

وهو انه _أي الإمام عليه السلام_ اذا كان حيا فماذا يحدث له عليه السلام في هذه المدة الطويلة والتي هي الان تتجاوز اكثر من الف ومئة وخمسين سنة وقد تطول إلى الفي سنة ولعلها تكون بعد زمن قريب (اليس الصبح بقريب).

ومع إننا لسنا من الموقتين, لا من الموقتين للقرب ولا من الموقتين للبعد.

ولكن نقول ماذا يعمل عليه السلام؟ وما هي المسؤوليات الملقاة على عاتقه عليه السلام؟ وهذه قضية اساسية وان كثيراً من الاشكالات بدأت تورد على مسالة حياة الإمام عليه السلام وان كان حياً فماذا يفعل؟ ما هي اهميته ؟ ما هي ضرورة وجوده؟ ماذا ينتفع الناس منه ؟ ونحو ذلك.

وهنا تجد الروايات عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم تخبر بذلك وتشبه وجوده عليه السلام بالشمس إذا غيبها السحاب, فكيف ان الشمس موجودة كذلك هو وجوده عليه السلام ووجه الانتفاع به.

المحور السادس:

وسوف نتوفر فيه على انه _أي الإمام عليه السلام_ إذا كان مولودا وهو غائب عنا فما هي فلسفة غيبته, أي لماذا غاب عليه السلام.

وهنا تأتي مجموعة من التساؤلات الأساسية, كل محور منها يرتبط بالمحور اللاحق بمعنى ان كل محور يتوقف على المحور السابق فهي كالابحاث الرياضية, فكما ان العدد ثلاثة يتوقف على العدد اثنين, فما لم يأت العدد اثنان لا يوجد العدد ثلاثة, وما لم يات العدد ثلاثة لا يوجد العدد اربعة, كذلك هي هذه الابحاث, في فلسفة غيبته عليه السلام فهي لماذا غاب وهل انه عليه السلام غائب بالشخص ام بالعنوان؟ بمعنى اننا نراه ولا نعرفه, او اننا اساسا لا نراه؟ فبعض النصوص الواردة تقول انه عليه السلام عندما يظهر عليه السلام فإن كثيراً ممن عاصروه في زمن الظهور يقولون كنا نراه في بعض مجالسنا, وهذا يعني انه عليه السلام كان غائبا بالعنوان وليس بالشخص وبعض الروايات تقول كان غائبا بالشخص.

ومما يرتبط بالمحور السادس, وفي مسألة الغيبة, هل هو المحتاج إلى هذه الغيبة؟ وهل غاب الإمام عليه السلام لأننا الذين نحتاج إلى ان يغيب لنستعد لظهوره عليه السلام أو انه غاب لأنه هو عليه السلام الذي يحتاج إلى الغيبة؟

قد يأتي قائل ويقول ان الإمام عليه السلام كان يحتاج الى هذه الغيبة حتى يتكامل لان إدارة العالم وقيادة العالم وتطبيق الاطروحة الإلهية على الأرض ليس أمرا عاديا, اي ان الله سبحانه وتعالى لم يرسل النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم ولم يجعله نبيا عاما إلا بعد بلوغه أربعين عاما, وهل ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحتاج ان يمر بهذه المرحلة من العبادة والتكامل والارتباط بالغيب, ليستعد لتلقي الوحي الإلهي, أي لماذا اعلن نبوته العامة في سن الاربعين, وانما قلنا نبوته العامة, لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت عنده نبوة خاصة قبل هذه النبوة العامة, وكان يعمل على مقتضى نبوته الخاصة, وعند الأربعين اعلن النبوة العامة التي هي هداية البشرية, رحمة للعالمين.

وهنا نقول ان الامر الذي يحتاج الغيبة هو تهيئة الظروف والشروط, وتهيئة القادة الذين يتحملون المسؤولية والوصول بالامة إلى درجة تتحمل فيها قيادته الإلهية. ولذا يكون الانتظار؟

وعندها نقول: ان الانتظار للناس, وانما الحاجة للغيبة للناس وليست للإمام عليه السلام ليقوم الناس بالقسط.

المحور السابع:

وفيه تساؤل مشترك لابد ان يجيب عليه من يؤمن بولادته ومن لا يؤمن بهذه الولادة, لماذا لا يولد الآن؟ ولماذا لم يظهر؟ ما هي المسؤوليات الملقاة على عاتق المؤمنين بالاطروحة المهدوية لظهوره او لولادته عليه السلام؟ وهل تقع عليهم مسؤولية ام لا؟

ولذلك نقول: أن الكل عليه مسؤولية فنحن المعتقدون بإمامته و بحياته علينا مسؤوليات, كذلك اصحاب نظرية الصحابة فهم يعتقدون انه سيولد بعد ذلك ويقيم العدل الإلهي في الارض, فالمسلمون جميعاً عليهم مسؤولية كبيرة في هذه الفترة فما هي هذه المسؤولية؟

نقول المسؤولية التي عليهم هي أن يعجلوا ولادته: وهذا الدور مع الاسف الشديد غائب في نظرية مدرسة الصحابة, _فقد اهملوا هذا الموضوع بالكامل, فهو مهمل عندهم, ولا توجد عندهم اي ابحاث لانتظاره عليه السلام_.

ومسالة الانتظار ليست مرتبطة بالايمان بحياته عليه السلام لأن المنتظِر في النتيجة ينتظر المنقذ.

لان الرسول  صلى الله عليه وآله وسلم وبشكل قاطع وبشكل متواتر وجزمي قال بأنه في آخر الزمان _سيظهر أي المهدي المنتظر عليه السلام_؟

اذن فإن للمنتظرين دوراً, ولكن البعض اهملوه, وهذا من المؤاخذات الاساسية, فانهم عندما اهملوا الاطروحة المهدوية اهملوا لوازمها ومقتضياتها وما يترتب عليها من سلبيات وهذه نقطة خطيرة.

حيث انهم بذلك قد افقروا المكتبة الاسلامية من الناحية العملية, بل تركوها، وقد أدى هذا إلى الإهمال العملي سواء كان على المستوى الفردي أو على المستوى الاجتماعي أو على المستوى الاقتصادي أو على المستوى السياسي.

هذا الاهمال في الابعاد العملية من سياسية واجتماعية في نظرية الصحابة فيما يتعلق بانتظار المهدي عليه السلام في اخر الزمان منشؤه عدم الاعتداد نظريا باصل الاطروحة, مع اننا عندما نرجع إلى الروايات الواردة عن النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم والتي يرويها أكابرهم نجد ان هناك تركيزاً على هذه المسالة, وانها من الملاحم, من كرامات, ومن معاجز النبي, ومن اخباراته بالغيب.

فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخبر وبشكل قاطع بانه لابد, ولو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله هذا اليوم حتى يظهر عليه السلام بمعنى ان هذا هو من القضاء الحتمي الذي لا يرد ولا يبدل.

المحور الثامن:

ما هي المسؤوليات الملقاة على المنتظرين؟

فلو نظرنا إلى المسلمين من الفقهاء والعلماء والمبلغين والخطباء والقنوات الفضائية والكتابات والجرائد والمجلات وغيرها من أدوات الإعلام والتبليغ وإيصال الحقائق إلى الناس, فهل تقتصر مسؤوليتها الان على ما هو المتعارف في كثير من حواضرنا العلمية من كتابة الرسالة العملية وإيصال الفتاوى والاستفتاءات, وهل هذه هي المسؤولية فقط؟ او ان هناك مسؤولية أساسية ملقاة على عاتق علماء الدين وعلى عاتق مراجع الدين بالخصوص, وعلى عاتق المتصدين لإدارة الأمة وعلى عاتق أولئك الذين يؤول إليهم الأمر, والذين ترجع إليهم الامة دينيا وفكريا وماليا واقتصاديا, ان كل هؤلاء عليهم مسؤولية كبيرة لتهيئة الناس لإيجاد الأرضية, لتمهيد الأرضية لظهور الإمام عليه السلام على ما نعتقد, او لتعجيل ولادته على ما تعقد مدرسة الصحابة وهذا مع الأسف الشديد يوجد فيه قصور أو لعله تقصير, وفي كثير من الجوانب عند مدرسة الصحابة, وكأنهم ليسوا مسؤولين عن قضية مرتبطة بالقضاء الحتمي للتاريخ, مع انه ليس الامر كذلك لـ (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم) خصوصاً واننا لسنا من الجبريين أي لسنا ممن يؤمن بانه لا دور لنا في تغيير مصيرنا وفي تغيير التاريخ وشرائط التاريخ. ولسنا من القائلين بالحتمية التاريخية وانه ليس للانسان اي دور في تغيير ما يجري عليه.

واذا كان الامر كذلك فما هي الادوات وما هي الاليات التي لابد ان نتوفر عليها في هذا الخصوص؟.

العدد: ١١ / ربيع الثاني / ١٤٣١ هـ : ٢٠١٢/١٢/٠٥ : ٧.٠ K : ٠
: السيد كمال الحيدري
التعليقات:
لا توجد تعليقات.