الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ١٩ / ذي الحجة / ١٤٣١ هـ
مواضيع العدد
العدد: 19 / ذي الحجة / 1431 هـ

تحت المجهر

تحــــــــــــت المـــــجهر

سلسلة مقالات تتناول بالدراسة أدعياء المهدوية والسفارة قديما وحديثا

جماعة المدّعي احمد بن الحسن

جهلٌ أم جنون.. أم ضحك على الذقون؟

الحركات الشاذة التي طلعت على المسلمين طيلة الفترات التاريخية كانت تستند إلى دعاوى كاذبة لكنها مرتبة بطريقةٍ يدخلُ فيها شياطين الإنس والجن لتنميتها وتقديمها إلى جمهورٍ ساذج بسيط يقتنع بدعاواها الكاذبة، ولا تمر فترة حتى تنكشفُ خزعبلات هذه الدعاوى، فمن نبوءة مسيلمة الكذاب الزائفة, إلى نبوءة سجاح الضالة إلى غيرها من جنون الدعاوى التي ضحكت على أذقان البعض وانكشف لهم أخيراً زيفها.

 لكن هذه الدعاوى كانت لا تخلو من استدلالات وإن كانت موهمة لكنها منسقة بشكلٍ ينطلي على البسطاء.. إلا أن ما طالعتنا به حركة اليماني الأخيرة (حركة احمد بن الحسن) من ادعاءات غير معقولة ولا متصورة، وكأن هذا المدعي يعيش خارج الكرة الأرضية ويتعامل مع أناس لا يعرفون منطق الاستدلال ـ وإن كان وهماً ـ بشكل يقال عنهم انهم أُخذوا بمغالطات فيها من التحايل ما يفوت على غير النبيه.. وحركة اليماني تغالط في كثير من المبادئ التي دعت لها وذلك للنقاط التالية:

أولاً: انها تدعو إلى نصرة اليماني المقيم في البصرة، في حين أن اليماني سمي باليماني نسبةً إلى إقامته في اليمن ومجيئه من اليمن كذلك.

ثانياً: أعلن هذا الدعي أن اسمه أحمد بن الحسن وهو ابن الإمام المهدي في حين أن الإمام المهدي هو محمد بن الحسن عليه السلام فكيف يكون أحمد بن الحسن ابناً للإمام محمد بن الحسن.

ثالثاً: يدعو هذا المهووس إلى نصرته وعدم الخروج عن طاعته ويخاطب في بيان أصدره إلى كون الذين يحاطون بالإمام ويختصون به على أتم الاستعداد لنصرته وطاعته وإلا فهم معرضون إلى سخط الله وغضبه، فإذا كان هؤلاء قريبين من الإمام فكيف يأمرهم هذا المهووس بالطاعة له وإلا تعرضوا لغضب الله مع أن قربهم من الإمام عليه السلام لا يكون إلا بسبب طاعتهم ومقدار ملازمتهم لأوامره عليه السلام.

رابعاً: حاول أن يستعين بأحد الدجالين المعروف بـ (حيدر مشتت) ويدعي هذا الأخير أنه التقى بالإمام المهدي عليه السلام في الرؤيا وأوصاه هو وأحمد بن الحسن أن ينصرا الإمام وهو محتاج إلى نصرتهما في ثورته وهو شيء يثير السخرية، فالثورة الإلهية العالمية للإمام المهدي هي بحاجة إلى هذين الشخصين وليس للمدد الإلهي ولأخيار الناس وللعلماء، ثم متى جعلنا المنامات هي ملاكات لأحكام المكلفين؟ إنْ هذا إلا اختلاق.

خامساً: إن الروايات تشير إلى أن اليماني لابد أن يزامنه عند خروجه ظهور السفياني والخراساني، إذ ورد عن الإمام الباقر عليه السلام (.. خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة وفي شهر واحد وفي يوم واحد ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً..) أي أن هناك تلازما فيما بين اليماني والخراساني من جهة وبين السفياني من جهة أخرى، فادعاء خروج أحدهم دون الآخرين غير صحيح، إذ أن الإمام عليه السلام أكد على هذه الملازمة والترتيب بقوله عليه السلام ونظام يتبع بعضه بعضاً، إذن فمن غير الممكن أن ندعي خلاف ما قاله الإمام عليه السلام من تلازم خروج الثلاثة، وادعاء ذلك دجل واحتيال، بل وتكذيب لأقوال الإمام عليه السلام. وهكذا يحاول هؤلاء استغلال عواطف الناس ومحبتهم ليعملوا على تمرير مدعياتهم وابتزاز البسطاء من الناس لاستخدامهم دروعاً بشرية من أجل الاحتماء بتصديقهم وإظهارهم بمظهر الواعي لقضيته والمصدق لدعواه الضالة.

إن هذا الهوس لم يكن غريباً في عالم المدعيات المهدوية فقبله ادعى الكثيرون من الذين سَخِر منهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وأنساهم أنفسهم، فالذي يدعي أنه ابن علي بن أبي طالب مع وجود أهله وإخوانه وفي أوساطهم فهو ليس إلا أداة للشيطان تتهاوى تحت أعتاب إرادته كل عقول أولئك الذين اتبعوه وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) ولم يجنوا سوى الخيبة والخسران.

وهكذا هي سلسلات الدعاوى المهدوية، ففي المجتمعات السنية أحصى الباحثون أكثر من عشرين دعوى مهدوية وفي مناطق مختلفة من العالم العربي والإسلامي، بل تجاوزت هذه المدعيات إلى مدعيات نبوة, ففي مصر ادعى أحدهم مؤخراً أنه نبي مرسل من قبل الله, وكذلك في المغرب, وفي الكويت وفي غيرها من البلدان، إلاّ أن ذلك لم يُحدث أي رد فعل إعلامي سوى ما يحدث هنا في العراق، فالإعلام بات مهووساً بتداعيات كل ما يجري في هذا البلد.

إن ما يؤسف له أن يكون الإعلام حاضراً لاستغلال أمثال هذه المدعيات لا لأجل توعية الناس بل من أجل أن يزرع الفرقة بين العراقيين.

إننا ندعو جميع ذوي الشأن من التعامل مع هذه الأحداث بجديةٍ كاملة وبمستوى المسؤولية، ونحذّر من مغبة الوقوع بمثل هذه الفتن وهذه المدعيات، فالجماعات التي تدعي بأنها أسست على أساس فكري سوف تنمو إلى قوة مسلحة تخرج على القانون ما دامت هناك دول جوار لا تريد الاستقرار للعراق ولشعبه المظلوم، وما دامت هناك أموال مخابرات دولية تحاول جاهدة تنمية هذه الانحرافات وتقوية هذه الاتجاهات.

إننا نؤكد أن ألاعيب المؤامرات سوف تُهزم وأن قضية الإمام المهدي عليه السلام أكبر من هذه الأباطيل وأن كل محاولات الأعداء تعمل جاهدةً من أجل تسخيف قضية الإمام المهدي وإفراغ محتواها الإلهي، كما أن أعداء الدين يريدون أن يقنعوا البسطاء من الناس أن قضية الإمام المهدي عليه السلام لم تكن حقيقية بل هي قضية دعاوى زائفة ليس أكثر، كما أننا نطالب في الوقت نفسه جميع العوائل المؤمنة إلى مراقبة توجهات أبنائها وعقائدهم وطريقة تفكيرهم، وبالخصوص محاولة مراقبة علاقاتهم وانتماءاتهم وأن لا يتركوا هذه الذئاب تنهش أفكارهم وعقائدهم وتحرف اتجاهاتهم.

إن هذه الحركات بدأت أولاً بتسقيط رموز المرجعية ومحاولة إلغاء دور المرجع في المجتمع إضافة إلى إلقاء دعايات على ألسن العوام والبسطاء لاتهام الحوزة والمراجع بتهم عدة منها عدم الاهتمام بأمور الناس والاستئثار بالأموال وأن هذه الحقوق لا تذهب إلا إلى حاجاتهم الشخصية وحياتهم الخاصة وأنهم غير جديرين بقيادة مجتمع وأمة، وهكذا إلى آخره من التسقيطات التي يتبناها حتى أبناء الطائفة أنفسهم، وهدف هذه الحركات واضح إذ بعد تسقيط هذه المرجعيات تعمل هذه الحركات حسب مشتهياتها لكي تلغى دور المرجع لئلا يقف عائقاً أمامها، وبهذا تحاول هذه الحركات المشبوهة الإساءة لمفاهيم المرجعية فضلاً عن الإساءة لمفاهيم المهدوية.

وبهذا نؤكد أن جميع هذه الحركات خاسرة وخائبة وغير قادرة على تغيير المسارات الإلهية التي أراد الله تعالى أن يكون لها شأنها ومكانها في المسيرة الحقة.

إن نور الإمام لا تطفئه هذه العواصف الخائبة لأنها أقل من أن تقف أمام الإرادة الإلهية التي أكدت بقوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).

العدد: ١٩ / ذي الحجة / ١٤٣١ هـ : ٢٠١٢/١٢/٠٩ : ٤.٤ K : ٠
التعليقات:
لا توجد تعليقات.