المنقذ في الفكر الموريسكي
الدكتور عدنان خلف سرهيد الدراجي
كلية التربية - الجامعة المستنصرية – بغداد
بحث مشارك في مسابقة خاتم الأوصياء (عجّل الله فرجه) للإبداع الفكري وحاز على المركز السابع
المقدّمة:
يدور هذا البحث حول دراسة فكرة المنقذ في الفكر الاعتقادي الموريسكي(١) وهي واحدة من أندر المواضيع العقائدية لدى هذا الشعب الذي أُبيد من الوجود بفعل دور محاكم التفتيش الإسبانية سيِّئة الصيت.
فبعد أن حكم المسلمون لما يقارب من ثمانية قرون شبة جزيرة ايبيريا، ومن ثَمَّ سقوط حكمهم انبرى رجال الدين النصارى بمعيَّة السلطات الإسبانية إلى التخلُّص من كلِّ ما هو عربي وإسلامي على أرضهم، فعمدت في البداية إلى محاولة تنصيرهم، ومن ثَمَّ تنصيرهم تنصيراً قسرياً، ثمّ صدر مرسوم الطرد لكلِّ من يثبت إسلامه أو أُصوله الموريسكية، وآثرت فئة أُخرى من المسلمين التشبُّث بمبدأ التقيَّة الإسلاميَّة رغم أُصولهم المذهبية المالكية حفاظاً على دينهم، ومع مرور الزمن ونتيجة الضغط النصراني ولفظاعة ما نزل بهم من مآسي من حرق وتعذيب وتنكيل وتهجير وقتل وسبي، فقد علَّقوا آمالهم على منقذهم ومخلِّصهم من عذاباتهم وثقَّفوا أبناء جلدتهم على التعلُّق بقدومه المبارك عبر علامات للظهور خاصَّة بهم تأمَّلوها بكلِّ دقَّة، فاندفعوا من تلك النبوءات التي دائماً ما كانت تصدر عن كتب الجفر التي هي خاصَّة بالإمام عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وعندهم روايته لا تعدلها رواية، حتَّى أعجب بشخص الإمام عليٍّ (عليه السلام) الإسبان، واعتمد الموريسكيون عليها متأثِّرين ومنتظرين لمخلصهم الذي تعدَّدت أدواره، وصولاً إلى الاتِّكال على (الفاطمي العربي ذي الفرس الأبيض الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلِئَت ظلماً وجوراً) الذي تسخر الأرض والسماء أسبابها لظهوره الكريم.
تناولت في هذا البحث نبذة عن الموريسكين وحياتهم الدينية، ثمّ علامات الظهور المبارك للمهدي عند الموريسكيين والتطرُّق إلى أصحابه، ثمّ أهمّ المنقذين في الفكر الموريسكي والتطرُّق إلى أصحابه، ومن ثَمَّ تأثير فكرة المنقذ والمخلِّص العربي في التراث المسيحي الإسباني المعاصر للمسلمين، ومسك الختام تناول البحث عن كلِّ ما يتعلَّق بشخص المهدي المنتظر (عليه السلام) وصفاته، ونسبه، ومكان خروجه، وأهمّ أعماله.
كلُّ تلك المعلومات استُخرجت من كتب قيِّمة ووثائق مخطوطة عن الموريسكيين محفوظة من مكتبات إسبانيا الوطنية.
راجياً الله تعالى أن يتقبَّل هذه الدراسة بقبول حسن خالصة لوجهه الكريم، خدمةً لمذهب أهل البيت (عليهم السلام).
أوَّلاً: المنقذ عند الموريسكيين:
انتشرت بين الموريسكيين نبوءات كثيرة تتعلَّق برؤيتهم لمصيرهم في شبة جزيرة ايبريا والتي استمدُّوها من تراثهم الإسلامي نتيجة للأحداث المأساوية التي ألمَّت بهم من جراء ما عانوه من مآسي مؤلمة جرت عليهم بعد أن تنصَّل الإسبان عن وعودهم التي أبرموها مع آخر ملوك الأندلس، والنشاط الإجرامي والتعسُّفي لمحاكم التفتيش سيِّئة الصيت والتي مارست بحقِّهم أبشع أنواع التعذيب والقتل والنفي، حتَّى قضى تحت أيديهم وفي سجونهم مئات الآلاف من المسلمين وبعضهم من اليهود غير من قُتِلَ حرقاً وطُرِدَ ظلماً، حتَّى أُبيد شعب بكامله وتلاشى عن وجه الأرض بفعل تلك الممارسات البشعة وسفك الدماء. ومحاولة من هؤلاء المظلومين للتصدّي والمقاومة والتمسُّك بالأرض والدين، فقد توجَّهت أبصارهم صوب المشرق الإسلامي منحدرهم الروحي والمادّي الذي انحدروا منه قبل مئات السنين، فتعلَّقوا بنبوءات كانت متنفّساً لهم للخروج من تلك الأزمة التي يعيشونها، فبحثوا عنها في بطون كتب المسلمين، فوجدوا فيها أملاً ومتنفّساً لهم، وهي التي تشير بظهور الدين الإسلامي بعد انحساره على يد المنقذ المبشَّر به.
وأخذوا يُبشِّرون به في كتبهم حتَّى غدت أملهم المرتجى للخلاص من واقعهم المزري. فكان كتاب الجفر المنسوب إلى الإمام عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) أحد تلك المراجع الرئيسة لهم، وإن لم يكن الظاهر من هذه التسمية هو كتاب الإمام (عليه السلام) بعينه، بل حاكوه في موضوعاته ونسجوا على منواله، وربَّما استمدّوا من نسخة لهذا الكتاب أو نقلوا منه روايات تتعلَّق بأخبار الساعة وعلامات المنقذ وظهوره. فأطلقوا على تلك الكتب تسمية الأجفار تيمُّناً بكتاب الإمام (عليه السلام) ليُوثِّقوها وليستندوا إليها في إضفاء الشرعية على نبوءاتهم، ثقةً منهم بالإمام (عليه السلام) الذي وثقوا بروايته (حيث يُصدِّق الجميع ما يقول، وقد رُويت عنه مآثر عظيمة حدثت على النحو الذي صاغه)(٢)، فكانت تلك الأجفار بالنسبة لهم قبل كلِّ شيء عملاً دينياً سواء من حيث أُصوله أو أهدافه(٣)، وكانت تلك الأجفار وما تحويه من تنبُّؤات قد حفَّزت الموريسكيين على القيام بالثورة ضدَّ الإسبان لمواجهة الظلم الواقع عليهم لما تحويه من مضامين تبشيرية وعدتهم بالنصر، فاستندوا إليها وجمعوا رجالهم وأموالهم وانتفضوا ضدَّ أعدائهم الإسبان(٤).
ومن أشهر تلك الأجفار في شبه جزيرة ايبيريا وما تحتويه من نبوءات هي ما اصطُلِحَ عليه تاريخاً بالألواح الرصاصية، وما فيها من نبوءات، والتي وُجِدَت في البرج العتيق في منارة مسجد غرناطة أثناء تهديمه لبناء الكاتدرائية الكبيرة في المدينة(٥)، (لقد كانت المحنة التي يمرُّ بها مسلمو الأندلس باعثة على اليأس في من جعلهم يبحثون من ملاذ لهم في الحيل المدهشة التي تُمكِّنهم من احتمال الوضع وتمنحهم بعض المتعة والفرح، لقد انغسموا في النبوءات أو كتب الجفر (Aljofores) ويُعَدُّ هذا الأمر من الأبعاد المدهشة والمثيرة للاستغراب في الأدب الإسباني المكتوب بالحروف العربية...، الكتب التي تُدعى كتاب الجفر، المكتوبة بوضوح في القرن السادس عشر بأنَّها مخطوطات قديمة (رغم وجود استثناءات معيَّنة تشذُّ عن القاعدة) تتنبَّأ بمستقبل زاهر مزدهر بالنصر لمسلمي إسبانيا، باستخدام كتب الجفر التي يصعب علينا تصنيفها وردِّها إلى أحد الأنواع الأدبية، لأنَّها تندمج فيها عناصر من الرواية والأدب والتاريخ. كان المسلمون يحاولون فقط إعادة كتابة تاريخهم والتأثير في مستقبلهم. ومن النادر أن نجد موازياً لهذه التجربة الأدبية والإنسانية التي حاول بها مسلمو الأندلس أن يعيشوا حياه مختلفة عن حياتهم)(٦).
وفي عام (١٥٦٩م) صرَّح مسلم يُدعى زكريا مقيم في غرناطة باعترافه أمام محاكم التفتيش بأنَّ المغاربة لهم رغبة كبرى في الانتقام وأكَّدوا بأنَّ الخلاص قريب، وسيأتي من شمال أفريقيا، من بجاية ووهران وسبته، وسوف يتمُّ دخول إسبانيا من جديد، وأنَّه سيظهر جسر من حديد عند مضيق جبل طارق وعن طريقه سيدخل العرب إلى إسبانيا(٧).
وعضَّد ما ذهبنا إليه (كارباخال) من أنَّ تلك النبوءات مصدر قوَّة وباعث عزيمة للمسلمين للثورة بقوله: إنَّهم (كانوا يُعَدُّونها إحدى وسائل بثِّ الثقة في نفوس القرويين الجُهّال حتَّى يحملوهم على تصديق ما يُقرَأ عليهم وأنَّ فحواه محقَّقة ومنزَّهة على الخطأ بما أنَّ تلك الثقة الجوفاء كانت السبب الأكبر في جزء كبير من القلاقل التي أثاروها فإنَّنا نعرضها في هذا الجزء حرفياً)(٨).
وأخذ يسترسل في سرد تلك النبوءات التي عاب على المسلمين رداءة كتاباتهم العربية سبب ابتعادهم عن قواعد اللغة العربية(٩) لحضر استخدامها عليهم، ولعلَّه ليس من قبيل الصدفة أن تستند رواية الغيبة في حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى الإمام عليٍّ (عليه السلام)، وهذا يُعيدنا إلى كتابه المنسوب له الذي أشرنا إليه في المقدّمة والمسمّى الجفر، والذي ربَّما بمنطق اللاشعور من قِبَل الموريسكيين حاولوا إلصاق النبوءة بالإمام (عليه السلام)، كونه صاحب كتاب الجفر الذي يحوي على أسرار ما كان وما يكون، والشخصية المميَّزة بين الصحابة (رضي الله عنهم)، كما قال ذلك راوي النبوءة سيِّد زيد الجرجالي (Zayd el Guergualh) (١٠)، فضلاً عن ذلك يضيف الراوي اهتمام السيِّدة الزهراء (عليها السلام) بتلك الأحداث وسؤالها لأبيها (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن حالة الأندلس وحزنها وبكائها عليهم(١١).
وقد حُدِدَّ وقت بدء عملية الانقلاب في القوى لصالح المسلمين بعد أن اضطهدهم الإسبان على لسان الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن سأله الإمام عليٌّ (عليه السلام) حول ذلك التوقيت قائلاً: (إيه يا عليُّ، سيكون ذلك في جزيرة الأندلس، في العامِّ الذي يوافق مطلعه يوم سبت والإشارة التي ستُنبئ بقدومه هي أن يُرسِل الله سراباً من الطيور يضمُّ طائرين معلَّمين، أحدهما المَلَك جبرائيل (Gabriel) والآخر هو المَلَك ميكائيل)(١٢). والعام الذي أخبر به الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الإمام عليّاً (عليه السلام) عام كبيس(١٣)، وفي إحدى الوثائق المخطوطة والتي تتحدَّث عن وقت الظهور والملاحظة عليها أنَّها مرتبكة اللغة غير مترابطة إلى حدٍّ ما، لعدم معرفتهم بقواعد اللغة العربية. تذكر تاريخاً محدَّداً لظهور جبرائيل وميكائيل إذ قال (رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى عليِّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) أو إلى فاطمة (رضي الله عنها): إذا دخل العام تسعة وتسعمائة عجام يوم السبت يبعث الله فيها سحابة من طيور وليس هي بطيور الأمن...، وترى فيها زوج معيَّنة (وهو) وهما جبريلي وميكايلي)(١٤).
١ - علامات الظهور عند الموريسكيين:
علامات الخلاص ومجيء المنقذ وعلامات ظهوره أكَّدها صاحب الشريعة الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحسب ما جاء في روايات الموريسكيين والتي استمدّوها من تراثهم الإسلامي رغم التعميم في الموروث الديني الذي انحرف نتيجة نشاط محاكم التفتيش وقطع المسلم عن تراثه الديني، ومن أهمّ هذه العلامات التي ترتبط بعصر الظهور والتي سطرها الموريسكيون في نبواءاتهم والتي رُتِّبت على أسبقيتها التاريخية.
أ - كسوف الشمس وخسوف القمر:
(ويُراد به حدوثها بشكل مختلف عن الشكل الاعتيادي له، فبدلاً من أن يحدث الكسوف في أوَّل الشهر والخسوف في وسطه كما هو معتاد، فإنَّ حدوثها سوف يكون بالعكس، فيحدث الكسوف في وسط الشهر والخسوف في أوَّله بشكل لم يسبق له نظير منذ أوَّل البشرية إلى حين حدوثه)(١٥). وقد أخبر الإمام أبو جعفر الباقر (عليه السلام) عن تلك الآية قائلاً: «آيتان تكونان قبل القائم لم تكونا منذ هبط آدم صلوات الله علية أبداً، وذلك أنَّ الشمس تنكسف النصف من شهر رمضان والقمر في آخره»، فقال له رجل: يا بن رسول الله، لا بل الشمس في آخر الشهر والقمر في النصف، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): «إنّي لأعلم بالذي أقول: إنَّهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم (عليه السلام)»(١٦).
وقد احتفظت النبوات الموريسكية بتلك الآية عادَّة إيّاها إحدى علامات خلاصهم من عذابهم في شبه الجزيرة ايبريا، والتي عُدَّت نذير شؤم بالنسبة للمسيحيين، إذ كان كسوف الشمس إحدى أبرز علامات خلاصهم(١٧).
ب - الدجّال:
من العلامات الحتمية قبل الظهور هي فتنة الدجّال، والذي حذَّر منه الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أكثر من موضع، وكذلك تحدَّثت عنه كتب التاريخ كثيراً، فهو بحسب ما تُصوِّره الأحاديث النبوية والروايات التاريخية: (رجل جسيم أحمر جعد الرأس...)(١٨).
وكان قد ادَّعى الربوبية قائلاً: (إلى أوليائي، أنا الذي خلق فسوّى، وقدَّر فهدى، أنا ربُّكم الأعلى)(١٩).
وأمَّا علاقته بعلامات الظهور فقد ذكره الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قائلاً: «فبينما هو كذلك، إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفَّيه على أجنحة مَلَكين...، فيطلبه حتَّى يُدركه بباب لدٍّ فيقتله، ثمّ يأتي عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوهم، ويُحدِّثهم بدرجاتهم في الجنَّة»(٢٠). وقد صرَّح الإمام عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) بمصير الدجّال بخلاف الرواية السابقة، بعد أن خطب بأصحابه قائلاً: «سَلوني قبل أن تفقدوني - ثلاثاً -»، فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين، متى يخرج الدجّال؟ فقال له: «اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت...»، إلى أن يقول بعد حديث طويل: «يقتله الله (عزَّ وجلَّ) بالشام على عقبة تُعرَف بعقبة أفيف، لثلاث ساعات مضت من يوم الجمعة على يد من يُصلّي عيسى بن مريم خلفه»(٢١). وهذه الأحاديث والروايات في كتب المسلمين ومصادرهم المشرقية.
أمَّا الدجّال عند الموريسكيين فقد رافق ظهوره آخر الزمان، وقد ذكرت النبوءات التي تُؤرِّخ في تلك الفترة بعض أخباره المقتضبة، ففي النبوءات التي ذكرها (كارباخال) نراها تتحدَّث عن أحداث تاريخية كارثية قبل خروج الدجّال يمرُّ بها الناس، إذ تقول في النبوءة: (وفي أعقاب ذلك يُولَد المسيح الدجّال اللعين، ويخرج على الناس، آنذاك سيُرسِل الله قحطاً شديداً، يدوم سبعة أعوام، لن يظهر خلالها خبزٌ أو حبوب أو ماء)(٢٢). ثمّ تتكلَّم النبوءة عن معاجزه بعد تلك الشدائد (فيقوم حينها بغرس البذور عند منتصف النهار ليحصدها مع المغيب، ويزرع الأشجار والنباتات بيمناه، فتحصد ثمار الفاكهة بيسراه. سيأمر الميِّت أن يحيا، فينهض واقفاً، فيُدعى أنَّه باعث الموتى، والإله والسيِّد الذي ليس كمثله شيء، أمَّا من يتَّبعه فلن ينال خيراً قطُّ، وسيموت كافراً، ويُمسي مثواه في سوء الجحيم. سيتَّبع المسيح الدجّال الناس كاشفاً لهم عن العديد من صنوف الرزق وعيون المياه)(٢٣). وقد ورد عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه «مكتوب بين عينه: كافر، يقرؤه كلُّ مؤمن كاتب وغير كاتب»(٢٤).
وذكرت المصادر الموريسكية تلك الخصلة بتحريف، إذ تقول النبوءة التي أوردها (مارمول) حول تلك القضيَّة وأنَّه (سوف يظهر على جبينه عبارة: استبدَّ وعصى)(٢٥).
وتسترسل النبوءة بذكر صفاته قائلة: (ستكون ملامح وجهه مثيرة للفزع، فهو ليس له سوى عين واحدة، ويحمل على رأسه وعاءً ممتلئاً بالطعام اللذيذ، ورأسه مستدير كاستدارة القمر، سترون الناس وراءه بأعداد غفيرة، حتَّى لن تسعهم الأماكن هم وأبناؤهم وأُسرهم، سوف يمتطي دابَّةً يثير نظرها الفزع)(٢٦)، والفزع المصاحب لمنظر تلك الدابَّة ربَّما هو ما روي عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حولها، إذ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «له حمار يركبه، عرض ما بين أُذُنيه أربعون ذراعاً»(٢٧).
وتُكمِل النبوءة صفات الدجّال قائلة: (وسيمتدُّ الطريق أمامه على مرمى البصر، وسيطوف الدنيا بأسرها في سبعه أيّام. ومعه نهران: أحدهما من ماء والآخر من نار، فإذا شرب من يتَّبعوه من الماء ألفوهُ ملتهباً كما النيران)(٢٨)، وهو ما أشار إليه الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ قال عنه: «إنَّ معه ماءً وناراً، فناره ماء بارد، وماؤه نار، فلا تهلكوا»(٢٩).
ثمّ تأتي النبوءة إلى ذكر اليهود وعلاقتهم به قائلة: (سوف ترافقه كلُّ أُسر اليهود التي سيحجب بها ضوء النهار)(٣٠)، وهو أيضاً ما أشار إليه الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قائلاً: «الدجّال معه سبعون ألف يهودي كلُّهم ذو سيف محلّى وساج»(٣١).
وتذكر النبوءة نهايته قائلة: (حينئذٍ يُرسِل الربُّ العليُّ المسيحَ عيسى بن مريم (عليه السلام)، فيخرج لمقابلته في أرض الشام (Hexen) فلمَّا يُبصِره يخرُّ أمامه كأنَّه جبان مخنَّث، وتقول الحجارة والأمكنة: ليدفن أسفلنا عدوّ الله)(٣٢).
وذكره الحجري في رحتله على لسان الموريسكين قائلاً: (والمسيح الدجّال دليل، في طلوع الشمس من المغرب)(٣٣).
ج - المطر:
المطر علامة أُخرى من العلامات التي ترافق قيام المنتظر (عليه السلام)، وإن كانت الروايات التي أوردت هذه العلامة ضعيفة، مقارنةً مع العلامات الأُخرى(٣٤)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قال: «إنَّ قدّام القائم لسنة غيداقة»(٣٥)، وكذلك روي عن سعيد بن جبير (رضي الله عنه) أنَّه قال: (السنة التي يقوم فيها المهدي تمطر الأرض أربعاً وعشرين مطرة يُرى أثرها وبركتها)(٣٦).
وفي النبوءات الموريسكية ذُكِرَت هذه الحادثة بروايتين متناقضتين، إذ تذكر الرواية المشرقية الواردة أعلاه أنَّه (ستكثر السُّحُب وتندر الأمطار)(٣٧)، فهي تأتي بخلاف تلك الرواية، ولا نعلم السبب، غير أنَّه بعد استرسال النبوءة بذكر العلامات يأتي بعدها مباشرةً، أي بعد ندرة الأمطار وقوَّتها وتينع الأشجار بوفرة من الفاكهة. أمَّا موسم حصاد القمح فتُسمّى الأشجار بوفرة من الفاكهة، أمَّا موسم حصاد القمح فستمنّي الجبال الباردة بمحصول أكثر وفرةً من المحاصيل، ولاسيّما أنَّ النبوءة تذكر كثرة السُّحُب، وهو دليل على وفرة الأمطار لا ندرتها. وإذ قرأنا الرواية من خلال المعنى الذي وضعت له الفكرة يلزمنا أن نقول بكثرة الأمطار وليس ندرتها، وربَّما أنَّ المترجم وقع في لبس، أو أنَّ الرواية وردت هكذا للتناقض في عالم النبوءات الغيبية. على أنَّ الرواية الإسبانية والتي تتنبَّأ بظهور الديانة المسيحية على الإسلاميَّة تتَّفق مع الرواية المشرقية من حيث كثرة الأمطار وغزارتها، فهي تذكر أنَّ العالم مقبل على (العميم من الخيرات الروحية والمادّية والرضاء وامتلاك الأرض الجديدة والأمطار الغزيرة بالعديد من النِّعَم السماوية)(٣٨). وهناك رواية أُخرى تُعزِّز الرواية المشرقية والمسيحية من جهة وتُعزِّز الرواية القائلة بندرة الإمطار، وتعالج التناقض الحاصل بين الروايتين من خلال ذكر أنَّ الندرة تحصل في وقت معيَّن والوفرة في وقت آخر، إذ تذكر النبوءة في أحداث سنة (تسعة وتسعين عجام)(٣٩).
فيكون ذلك العام وقعة شديدة ويكون الشتوة فيها قليلة المطار والريح كثيرة ويأتي المطار في شهر أبريل وتصلح الدنيا بالمطار وتكون جميع الثمار خصيصة غلالها وغزرة الفواكهة(٤٠).
د - عقد الجسر ببغداد:
وردت أحاديث عن أهل البيت (عليهم السلام) عن عقد جسر ببغداد ممَّا يلي الكرخ(٤١)، ويبدو أنَّ الموريسكي استلهم تلك الرواية ورسخت في ذهنه، ونظراً - وكما قدَّمنا آنفاً - لابتعاد الموريسكي عن تراث الدين الحقيقي فربَّما نقل صورة الجسر من بغداد التي يفصل بين جانبيها نهر دجلة وطريقة وحلَّ محلَّ هذين الجانبين بالجسر الموضوع على نهر دجلة كما هو ظاهر الرواية، فقد نقل الموريسكي تلك الصورة وجعلها تعانق بجغرافيتها العُدوتين المغربية والأندلسية بدلاً من الكرخ والرصافة، ونصَّت مخيَّلة الجسر الرابط بين العُدوتين وهو يُمثِّل الأمل بعبور الفاتحين الأوائل إلى شبه جزيرة ايبيريا، (ففي سنه (١٥٦٩م) بغرناطة صرَّح زكريا الذي اعترف أمام محاكم التفتيش بأنَّ المغاربة لهم رغبة كبرى في الانتقام، وأكَّدوا بأنَّ الخلاص قريب، وسيأتي من شمال أفريقيا، من بجابة ودهران وسبقه، ثمّ بعد ذلك يتمُّ من جديد غزو إسبانيا...، وأنَّه في مضيق جبل طارق سيظهر جسر من حديد وعن طريقه سيجتاز العرب ويتمكَّنون من غزو إسبانيا حتَّى كاليسيا)(٤٢)، أو ربَّما قنطرة من نحاس يعبر عليها المسلمون(٤٣) كما وُصِفَ مرَّةً أُخرى.
هـ - الصيحة:
الصيحة من الحوادث المفزعة والتي وردت بها الأخبار عن طريق الأئمَّة (عليهم السلام)، وتُفسَّر بأنَّها صوت عظيم يكون في السماء يوقظ النائم، ويفزع اليقظان، وتخرج الفتاة من خدرها خوفاً وفزعاً، وربَّما يكون هو نداء جبرائيل (عليه السلام)(٤٤).
فعن أبي بصير أنَّ الإمام أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) قال في جواب قوله: جُعلت فداك، متى خروج القائم؟ فقال: «يا أبا محمّد، إنّا أهل بيت لا نُوقِّت...»، إلى أن قال: «لا يخرج القائم حتَّى يُنادى باسمه في جوف السماء في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، ليلة جمعة»، قلت: بِمَ يُنادى؟ قال: «باسمه واسم أبيه، ألَا إنَّ فلان بن فلان قائم آل محمّد، فاسمعوا له وأطيعوه، فلا يبقى شيء من خلق الله فيه الروح إلَّا سمع الصيحة، فتوقظ النائم ويخرج إلى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها...، وهي صيحة جبرائيل (عليه السلام)»(٤٥).
أمَّا وقتها الذي حدَّده الأئمَّة فهو شهر رمضان، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): «الصحية التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(٤٦).
وكانت العلامة التي حدَّدها الموريسكيون بتواريخ وأماكن مختلفة، إلَّا أنَّها تدور في أغلبها حول شبه جزيرة ايبيريا، إذ وُصِفَت على أنَّها يكون الناس على أثرها سُكارى ومن هولها يخرُّون موتى بدون قتل، محدِّدين تاريخها بما يوافق فكرتهم عن الخلاص، قائلين في نبوءاتهم: (ففي ذلك الزمان يكون المسلمون في أرض رغون شدَّة كبيرة وفي عام سنة عرب (وعشرين SIC POR) وتسعمائة يكون في أواحد صيحة كبيرة بين الناس ويكون الناس سُكارى مواتاً بلا حديد والأقتالي)(٤٧).
والصيحة الأُخرى ذكرتها النبوءة قائلة: (وتكون صيحة كبيرة في عام تسعة وتسعمائة في مدينة بلنسية وأُخرى في دانية وأُخرى في جزيرة الأندلس المذكورة في تاريخ العجم، وبعد هذه عن قريب يكون صيحة كبيرة يقدمون على النصارى، ويكون وبينهم مقتله عظيمة)(٤٨).
وهناك صيحة أُخرى ذكرتها النبوءة: (وتكون صيحة كبيرة في مرافق صلاة الصبح وأفزع كبير حتَّى الكثير من النصارى يرجعون إلى دين الإسلام)(٤٩).
و - خروج الشمس من مغربها:
وهي علامة أُخرى لأشراط الظهور فضلاً عن الموضوع الآنف الذكر بشرط الخسوف والكسوف، إذ أخرج البخاري عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «لا تقوم الساعة... حتَّى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين ﴿لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً﴾ [الأنعام: ١٥٨]».
وروي عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «عشر علامات قبل الساعة لا بدَّ منها...»، وعدَّ منها: طلوع الشمس من مغربها(٥٠).
على أنَّ النبوءات الموريسكية قد ربطت بين المسيح الدجّال وخروجه وهذا الحدث، قائلة: «المسيح الدجّال دليل في طلوع الشمس من المغرب»(٥١).
وتحدَّثت النبوءات أيضاً عن الشمس المتصدِّعة التي عدَّتها من علامات الظهور. وربَّما تصدُّعها ناتج عن حركتها المفاجئة بظهورها من المغرب، إذ ورد في النبوءات أنَّ الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد عدَّ العلامات الصغرى للظهور ومنها: (طلوع الشمس المتصدِّعة)(٥٢).
ز - ظهور الملائكة:
بحسب النبوءة الموريسكية فإنَّ الملائكة سوف تظهر في السماء معلنة للصيحة والتي هي إحدى علامات الظهور، وتحديداً في البشرات(٥٣) أو سيرينفادا(٥٤) على شكل طيور في السماء، وكلاهما في غرناطة(٥٥)، وتظهر نتيجة للظلم والتعسُّف والجور الذي لحق بالمسلمين، إذ تذكر النبوءة أنَّ الناس في أرض باثا (Baza) قد شاهدت آيات وظواهر خارقة للعادة، إذ ظهرت (طيور غير مألوفة في غرناطة)(٥٦)، وظهرت لهم مرَّةً أُخرى، إذ (شاهدهم أُناس يسيرون في السحاب على هيأة طيور تُحلِّق أعلى البشرات يقودها طائران أضخم حجماً وأوضح رؤيةً)(٥٧). إنَّ هذين الطائرين الضخمين ما هما إلَّا ميكائيل وجبرائيل، صاحب النداء في عصر الظهور، إذ تذكر النبوءة أنَّه (يبعث الله فيها سحابة من طيور وليس هي بطيور إلَّا من صحبة النبيِّ (عليه السلام)، وترى فيها زوج معيَّنة (وهو) وهما جبريلي وميكايلي).
ونزول جبرائيل بصفة طائر أبيض مستفيضة في كتب الحديث، إذ يُروى أنَّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: «أوَّل من يبايع القائم (عليه السلام) جبرائيل (عليه السلام) ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثمّ يضع رجلاً على بيت الله ورجلاً على بيت المقدس ثمّ ينادي بصوت ذلق [طلق تسمعه] يسمع الخلائق: ﴿أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١]»(٥٨).
وعلى الرغم من الخلط الحاصل بين العقائد الصحيحة والمشوَّشة عند الموريسكيين وكما قدَّمنا آنفاً إلَّا أنَّ أصل الرواية يبقى عالقاً في أذهانهم لكن يشوبه ما لحق بالروايات السابقة من تحريف، فتذكر النبوءة الموريسكية أنَّ تلك الطيور والتي يتقدَّمها جبرئيل وميكائيل ما أتت إلَّا من أجل البشرى وخلاص الناس بقرب المخلِّصين من ملوك الشرق والغرب، إذ تقول النبوءة إنَّه (في العام الذي يوافق مطلعه يوم سبت، من الإشارة التي ستبنس بقدومه هي أن يُرسِل الله سرباً من الطيور يضمُّ طائرين معلَّمين، أحدهما المَلَك جبريل (Gabriel) والآخر هو المَلَك ميكائيل، وسيضحى الأصل الذي تنشأ من طيور الببّغاء في سائر الأرض، وهما يُعلِنان الناس بقرب مجيء ملوك الشرق والغرب لإغاثة جزيرة الأندلس)(٥٩).
وتوافق تلك النبوءة ما نُقِلَ عن الأمام أبي عبد الله (عليه السلام) المتقدِّم والتي بشَّرت بمجيء أمر الله مع التغيُّر في ظاهر الرواية والاحتفاظ بالمحتوى.
ج - يأجوج ومأجوج:
هم أقوام ذُكروا في القرآن الكريم ارتبط ذكرهم بعلامات الساعة، إذ قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ﴾ (الأنبياء: ٩٦ و٩٧).
ودلالة خروجهم ردم السدِّ الذي بناه ذو القرنين، وخروجهم سابق للوعد الإلهي، وقد أشار القرآن الكريم إلى تخريبه قائلاً: ﴿قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾ (الكهف: ٩٨).
ولا تخلو أحاديث الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من ذكر لهم، إذ أشار لهم قائلاً: «ثمّ يسيرون حتَّى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا أهل الأرض، هلمَّ فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيردُّ الله عليهم نشابهم مخضوبة بالدماء»(٦٠).
وترتبط تلك الأحداث بنزول السيِّد المسيح (عليه السلام)، إذ أشار الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى ذلك بقوله: «فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: أنّي قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، محرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كلِّ حدب ينسلون»(٦١).
كلُّ تلك الأحداث تشير إلى تزامن ظهور هؤلاء مع علامات الساعة، وقد عدَّها الموريسكيون أيضاً من أشراط الساعة، وتوافقوا مع الرواية الإسلاميَّة الثانية المتقدِّمة حول مصيرهم ونهايتهم على يد السيِّد المسيح (عليه السلام)، وتحطُّم الروم المذكور في القرآن الكريم، إذ تذكر الرواية الموريسكية هذه الأحداث من خلال النبوءة الآنفة الذكر، شارحة بالتفصيل ما يتعلَّق بهم وأوصافهم قائلة:
(يصعد المسيح إلى جبل طهور (Tahor)، ويُحطِّم أسوار يأجوج ومأجوج، وهم الأقزام الذين يفوق تعدادهم عدد موج البحر، وتباين أشكالهم ووجوههم ملامحهم، فبعضهم حجمه مثل الريشة التي يُكتَب بها، والبعض الآخر تفوق قامته الجبال، وهناك آخرون لهم آذان طويلة، حتَّى إنَّهم يجلسون عليها ويفرشون الأرض ببعضها، ومشيتهم مسيرة ثمانين سنة)(٦٢).
وأوصافهم تلك توافق ما نُقِلَ عن الأثر من أنَّ يأجوج ومأجوج على ثلاثة أثلاث: ثلث على طول الأرز، وثلث مربَّع طوله وعرضه واحد هم أشدّ، ثلث يفترش أحدهم أُذُنه ويلتحف بالأُخرى(٦٣).
ط - السيِّد المسيح:
يُعَدُّ نزول السيِّد المسيح (عليه السلام) واحداً من أهمّ علامات الظهور وأبرزها، وهو من العلامات الحتمية للظهور، بشَّر به الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ تذكر الروايات نزوله (عليه السلام) ودخوله بيت المقدس وصلاته فيه، إذ يُذكر أنَّ الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذكر الدجّال، فقالت أُمُّ شريك: فأين المسلمون يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: «بيت المقدس يخرج حتَّى يحاصرهم، وإمام الناس يومئذٍ رجل صالح، فيقال: صلِّ الصبح، فإذا كبَّر ودخل فيها نزل عيسى بن مريم (عليه السلام)، فإذا راه ذلك الرجل عرفه، فرجع يمشي القهقرى، فيتقدَّم عيسى، فيضع يده بين كتفيه، ثمّ يقول: صلِّ، فإنَّما أُقيمت لك الصلاة، فيُصلى عيسى وراءه...»(٦٤).
وهذا الرجل هو الإمام المهدي (عليه السلام) بحيث جاء حديث آخر عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) موضِّحاً تلك الشخصية يقول: «ينزل عيسى بن مريم (صلوات الله عليه) فيقول أميرهم المهدي: تعالَ صلِّ بنا، فيقول: ألَا إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمةً من الله (عزَّ وجلَّ) لهذه الأُمَّة»(٦٥)، وفي حديث آخر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «منّا الذي يُصلّي عيسى بن مريم خلفه»(٦٦).
وتأتي النبوءة الموريسكة لتذكر نزول السيِّد المسيح (عليه السلام) موثِّقة الأحاديث السابقة، إذ تُبشِّر النبوءة به وبعودته، فتذكر النبوءة قائلة: (يعود يصوع روح الله المحمود إلى الأرض)(٦٧).
وتُشير النبوءة الأُخرى إلى عودته قائلة: (ينزلى عيسى بن مريم)(٦٨)، ثمّ تسترسل نبوءة أُخرى مستعرضة أهمّ أعمال السيِّد المسيح (عليه السلام) بعد نزوله قائلة: (حينئذٍ يرسل الربُّ العليُّ المسيحَ عيسى بن مريم (عليه السلام)، فيخرج لمقابلته [يقصد الدجّال] في أرض الشام (Hexen) فلمَّا يُبصِره يخرُّ أمامه كأنَّه جبان مخنَّث)(٦٩).
وتواصل النبوءة سرد دور السيِّد المسيح (عليه السلام) مضيفة له لقب الهادي، وهو لقب مرادف للقب المهدي المنتظر (عليه السلام)، ويبدو أنَّه من تأثير النصارى على المسلمين، قائلة: (ويبقى المسيح الهادي الذي يسير بفضله الذئب جنباً إلى جنب مع الغنم في وئام سوف يلعب الصبيان مع الحيّات والأفاعي السامَّة ولن تضرَّهم، حيث تجبر على تطبيق سُنَّة رسولنا والحكم بمقتضاها)(٧٠).
أمَّا فيما يخصُّ صلاة السيِّد المسيح (عليه السلام) في الرواية السابقة، فيبدو من التراث الموريسكي المتمثِّل بتلك النبوءات أنَّهم قد علق في أذهانهم موضوع صلاة المهدي (عليه السلام) الموعود وصلاة السيِّد المسيح (عليه السلام) خلفه، إلَّا أنَّهم جعلوا الدور الريادي هنا للسيِّد المسيح (عليه السلام)، وجعلوا إقامة الصلاة من واجبات أُسرة المنقذ المتَّصلة بالرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وذلك بحسب النبوءة التي أشارت إلى تلك الحادثة قائلة: (يشرف على الصلوات والمواقيت سلالة رفيعة متَّصلة النسب من نسل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وآنذاك يتحوَّل كلُّ ملحد إلى دين الله)(٧١).
ي - علامات كونية متفرِّقة:
هناك عدَّة آيات كبرى وصغرى وردت في النبوءات الموريسكية حول مخلِّصهم، واختلطت فيما بينها ومزجت بين أشراط الساعة وأشراط الظهور، وذلك لابتعاد الموريسكيين عن تراثهم الديني بسبب الضغوط التي واجهوها من الإسبان على ما تقدَّم.
ومنها أنَّ (الموريسكي تحدَّثت نبوءته عن ظواهر طبيعية وسماوية تسبق وترافق عصر الظهور، ومنها ما يتعلَّق بالأجرام السماوية أمثال ظهور الشُّهُب والنجوم السماوية، إذ تتحدَّث وذكرت إحداهن ظهور نجم يقترب ظهوره مع ظهور السيِّد المسيح (عليه السلام))(٧٢).
ومنها ما ذكرته النبوءة (فترى في شهر رمضان المعظَّم يتجمَّع النجم والقمر على الغروب، فيكون ذلك من العلامات التي تُنتَظر)(٧٣)، ونقل (كارباخال) بعض العلامات في النبوءات والتي أوردها التي كان ينتظرها الموريسكيون منتقداً إيّاهم عليها، ومنها (أنَّهم شاهدوا في أثناء الليل علامات في الهواء في البحر والبرِّ، كرؤية نجوم لم تُرَ قطُّ من قبل، وإشعال السماء باللهب، وقدر كبير من البريق، ممَّا أدّى لظهور أجرام في الهواء، وأيضاً أشعَّة مروِّعة لعدد من النجوم والمذنبات)(٧٤).
وفي موضع آخر ذكر تجلّي الشُّهُب والنجوم الطالع(٧٥) كعلامة من علامات الظهور، وجعل (كارباخال) ظهور أحد الشُّهُب هو بداية لإعلان الخير المتمثِّل بخلاصهم ووصول مخلِّصهم(٧٦).
ك - علامات متفرِّقة:
أشارت النبوءات والروايات الموريسكية إلى أحداث سابقة للظهور عامَّة تتحدَّث عن الانحلال في المجتمع وحالة الظلم والاستبداد. ومنها ما تحدَّثت عنه النبوءات التي تُخبِر عن (مجتمع حرب البشر الطاحنة هذا سوف ينقص الإيمان، وتُهجَر فيه الشريعة، سوف يضحى العلاء محلّ استهزاء الجميع، وسيشتغل الحُكّام بإخلاء الأهالي عن قراهم، وتخريب الأرض، وقلَّة الدخل، وذلك دون أن يقدر أيٌّ منهم على المساس بأفريقيا، التي خلفوها وراء ظهورهم، سيعقب ذلك مباشرةً خوض الكافرين للحرب، ولن يتبقَّ رجال في مملكة غرناطة، في غضون العام الطويل سيتعاظم الشقاق، ولن يقلق من براثن المشقَّة والخزي سوى أشخاص قلائل، وستحدث وقعتان. أمَّا الظفر بالغرب فهو بانتصار الأفارقة، لأنَّ ما أخبر به الرسول الحقُّ لا محالة واقع بين البشر سيفرُّون من قراهم، وعندما يخطئ الابن العاقُّ سيكون الرجل أفضل، ولما يحلُّ منهم أجل الله ليلاً قبل أن يغشاهم النهار، البحر حتَّى تعبره السفن دون مخاطر، فما أنزله الله ينقض، وستُطبَّق شريعة المسلمين في أرض المسيحين)(٧٧).
ونلاحظ أنَّ تلك الأحداث المتعلِّقة بالنبوءات تخصُّ الأندلس والأندلسيين وحدهم الباحثين عن النجاة من مآسيهم على لسان الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وفي محاولة منهم لتنفُّس الصعداء تستمرُّ النبوءات الموريسكيية في بعث الأمل في نفوسهم بعد أن صعَّد الإسبان من اضطهادهم، فتنعكس آمالهم على نبوءاتهم معلِّقين عليها آمالهم في الثورة، وتكون أولى علامات تلك النبوءة (أيُّها السادة ستكون علامة كبيرة للغاية، حيث يظهر شهاب ضخم جدّاً، في كبد السماء، وينتشر نوراً ساطعاً بعدها، سيظفر مَلِك الأتراك بإحدى المُدُن ويأسر أهلها ومَلِكها، عقب ذلك بفترة وجيزة للغاية سيستحوذ على جزيرة رودس الكبرى (Rodas) التي ستبقى دوماً في يد المسلمين، ستكون هناك انتصارات أُخرى للمسيحين، وتُعَدُّ من العلامات الكبرى التي سوف تحدث لاحقاً، سوف تأتي جيوشهم وأهلهم إلى الأندلس بأعداد هائلة، حتَّى إنَّهم سيُفكِّرون في الإجهاز على قاطنيها، وسيدخل الكثيرون في المسيحية خوفاً منهم، لكن فيما بعد سيظهر من بينهم صديق حقيقي، وسينصح لهم أن هبُّوا وثوروا لدين الله، حينئذٍ سيُغيَّر هلال الأتراك على المسيحين، وعلى كلِّ مدينة وموقع حصن)(٧٨).
وقد أوضحت تلك النبوءات أيضاً أحداث قبل قيام الساعة، منها: (حركة الأرض وتصدُّعها، سيادة الفزع والذعر الشديدين، وعلامات أُخرى يعجز البشر عن تفسيرها، وحذيفة هو أكثر من تناول تلك العلامات، وعدد ما يقول إنَّه سمع منها من رسول الله الهادي ما يربو على السبعين، ثمانية من الأكثر بروزاً والبقيَّة تُعَدُّ علامات صغرى تأتي على إثرها، وقد سأل الكثيرون المصطفى عنها جميعاً، نكشف لهم عن بعض المشهور منها، فقال: إنَّه سيكون منها ظهور رسول الله، ونزول القمر إلى بساتين تهامة بعد طلوع الشمس المتصدِّعة، تلك هي أشراط القيامة التي أتى بها القرآن وتحدَّث عنها، والبقيَّة التي على شاكلتها عديدة، وهي مشهورة في تلك الآونة، وفي عالمنا هذه وتُعَدُّ أشدُّ وضوحاً من الضوء الساطع)(٧٩).
ثانياً: النبوءة وفكرة المنقذ عند الإسبان:
تُعَدُّ فكرة المنقذ في الديانة المسيحية واحدة من أهمّ مقوِّماتها، إذ يُعَدُّ ظهور السيِّد المسيح (عليه السلام) في آخر الزمان بعد أن قام من بين الأموات ورُفِعَ إلى السماء ليكون محرِّراً للبشرية، هذا في فكرهم حول تلك العقيدة، ومثلما كان للعرب نبوءات ومنتظَر كان على الجانب المقابل نبوءاته، فقد كانوا يتنبَّؤون بانتصار المسيحية على الأتراك والمغاربة، وتحويل هؤلاء إلى الدين المسيحي، إذ صرَّح دون مرتين كارسيا (Don Martin Gacia) أنَّه مقتنع بقرب اعتناق المسلمين للمسيحية، وللإسراع بإنجاز ذلك دفع القسِّيسين إلى تعلُّم اللغة العربية ووعظ الموريسكيين، وقد قال: (إنَّ بداية هذا الانتصار ستكون في أفريقيا الشمالية)(٨٠).
وقبل التعمُّق أكثر بموضوع النبوءات لا بدَّ لنا أن نتناول شيئاً من مسألة التأثيرات حول هذا الموضوع، فقد كوَّن الموريسكي إذن شخصيته في حضرة المسيحيين، ومن المؤكَّد أنَّ المجموعتين اللتين عاشتا جنباً إلى جنب بصفة متداخلة طيلة العشرات من السنين، لا يمكن إلَّا أن تُؤثِّر الواحدة على الأُخرى، وأحياناً بصفة لا شعورية، ولا شكَّ أنَّ المجموعة التي لها الأقلِّية هي التي تتأثَّر أكثر من الأُخرى بحكم النصوص، ومن الجدير بالملاحظة فعلاً أن نجد - إذا ما رجعنا إلى النصوص التكهُّنية عند المسيحين وأيضاً عند الموريسكيين - نفس الأداة اللغوية وأوَّلاً نفس التصوُّر الاستدلالي الذي يُدعى ببعث إمبراطورية عظيمة بعد تحطيمها المؤقَّت. وفي هذا الإطار نجد اتِّهامات من الموريسكيين تتمثَّل في التهمة الموجَّهة للمسيحين بتزوير النصوص التكهُّنية المسمّاة القواثياس أو خفوراس (Alguacias-Jofores) لجعلها تتلاءم مع قضيَّتهم، وقد كتب بيخرانو (Bejerano) الموريسكي المطرود والمجادل الكبير (هنا في تونس) في سنة (١٦٣٥م) بخصوص هذه النصوص ما يلي: (إنَّ المسيحيين كذبوا في ذلك وأضافوا الكثير من الأكاذيب الأُخرى، لأنَّني قرأت هذا النصَّ نفسه في كتاب (هنا في تونس)، مترجَم إلى العربية لا يحتوي على هذه الأكاذيب المضافة)(٨١).
أمَّا ما يدور حول المواضيع السابقة عند المسلمين من أُمور تخصُّ مفهوم الغيبة والمنقذ، فيمكن إحصاؤها عند النصارى وفقاً للنصوص التي بين أيدينا، وبما يلي:
١ - علامات الظهور عند الإسبان:
العلامات والنبوءات حولها: دارت هذه النبوءات حول طرد الموريسكيين من إسبانيا واندثار الإسلام فيها وانتشار المسيحية من جديد، ونجد في نبوءاتهم عدَّة محاور يمكننا تسليط الضوء عليها، منها: أنَّها تنبَّأت (بطرد الموريسكي الأخير الذي سوف يُجسِّد هزيمة الإسلام وبعث إسبانيا)(٨٢). وتنصُّ تلك النبوءات أيضاً على تدمير مكَّة(٨٣). وفي عصر انحدار وظهور المنقذ بالنسبة للنصارى وتعدُّد صوره فإنَّ هناك (العديد من الخبرات الروحية والمادّية والرخاء وامتلاك الأراضي الجديدة والأمطار الغزيرة بالعديد من النِّعَم السماوية)(٨٤).
وهذه النبوءات نجدها مطابقة للعلامات التي كانت تخصُّ زمن ظهور المهدي (عليه السلام) الآنفة الذكر. ثمّ تذكر النبوءة انتشار سلطة المسيح شرقاً وغرباً (ستجعل تحت سلطتك سطح الأرض من المشرق إلى المغرب)، وهو أيضاً يتطابق مع النصوص الإسلاميَّة التي تشير إلى انتشار الإسلام في كلِّ أنحاء المعمورة(٨٥).
وترى نبوءة أُخرى تشير إلى عالمية المنقذ وسيطرته على مراكز العالم كالقسطنطينية، ويُتوَّج فيها آنذاك، وهو ما يلتقي بما وعد به الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أحاديث المهدي (عليه السلام)، إذ وعد بأن يفتح القسطنطينية للمرَّة الثانية من الروم(٨٦)، إذ تذكر النبوءة المسيحية ذلك قائلة: (وسوف يناول جواده الهرطمان على هيكل بياروبول (Pierre Poul) وسوف يذهب إلى القسطنطينية لكي يُتوَّج)(٨٧).
ومثلما وجدناه في النبوءات الإسلاميَّة فيما يخصُّ العلامات الكونية نجدها هنا أيضاً في النبوءات المسيحية فيما يخصُّ علامات خلاصهم وظهور المسيحية على الإسلاميَّة، وهو ما تدور حوله النبوءات المسيحية، فنلاحظ أنَّ النبوءات تذكر (العلامات في السماء، وكذلك النجوم والتقاء الكواكب، قد أُوِّلت خلال القرن السادس عشر من طرف المنجِّمين بمعنى اثنين: أحدهما: كعلامة إنذار للأخطار التي يُجسِّمها الموريسكيون، وفي نفس الوقت كعلامة على طردهم النهائي. وهذا ما يُترجِم عن انتصارات المسيحية على الإسلام).
وقد عرفت تأويلات جوان أندرس (Juan Andre) - الذي باعتماده على الدراسات العربية لعلم النجوم والتقاء والكواكب - حيث تنبَّأ بقرب أُفول الممالك الإسلاميَّة، أنَّ كلَّ الممالك وجب أن تتغيَّر بصورة عميقة، كذلك صرَّح الأُسقف المفتِّش دون مارتين كارسيا (Don Martin Garcia) أنَّه مقتنع بقرب اعتناق الأقاريين للمسيحية، وللإسراع بإنجاز ذلك، دفع نفسه إلى تعلُّم اللغة العربية ووعظ الموريسكيين، وقد قال: (إنَّ بداية هذا الانتصار ستكون في أفريقيا الشمالية)، وفي خطبته الثانية والثلاثين قام بوضع قائمة بكلِّ الانتصارت الإسبانية في أفريقيا الشمالية، وقد رأى في ذلك علامة عناية الله(٨٨).
وقد ذكر قادا لاجار (Guoda ljara) وبليدا (Bleda) و(كاردونا) عدداً من هذه الظواهر الكونية السماوية، والتي قاموا فيما بعد بتقديم تأويلات لها، إذ تتحدَّث هذه العلامة عن قرب دمار الموريسكيين من وجهة نظر المسيحين، ففي سنة (١٥٢٦م) ظهر في السماء نجم ذو ذنب للتنبُّؤ بالنكبات التي تتحدَّث عن قبول التعميد بصورة كاذبة، وكان ذلك إنذار الخطر الذي سيلحق الموريسكيين الذين تمَّ تعميدهم جماعياً بإسبانيا(٨٩).
والنجم المذنَّب هذا الذي تحدَّث عنه الإسبان هو عينه الذي ذكرته الرواية الإسلاميَّة، فقد ذُكِرَت روايتان حول هذا الموضوع، فالرواية الأُولى تذكر طلوع الكوكب ذي الذنب، وهو علامة ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)(٩٠). أمَّا الرواية الأُخرى فتجعل من علامات الساعة ظهور «النجم في السماء له ذنب من ناحية المغرب»(٩١). والمهمُّ في هذا الأمر هو مدى التشابه والتطابق في علامات الظهور بين الروايتين المسيحية والإسلاميَّة التي اعتمدت عليها كلا الأُمَّتين في انتظارهما للمخلِّص.
وتستمرُّ النبوءات المسيحية من أجل إقناع الآخرين بسقوط الموريسكيين، وتتواصل النبوءة بإشراك السماء بالتنبُّؤ بمصير الموريسكيين، ففي سنة (١٦٠٣م) لاحظ المنجِّمون أكبر التقاء للنجوم، وكشفوا عن معناه: (كلُّ الناس كانوا مقتنعين أنَّ التقاء النجوم يُمثِّل سقوط آخر انتفاضة لدين محمّد في إسبانيا خلال عشرين سنة، وبالاستناد إلى ذلك ذكرت كلُّ الأطراف كتب التنبُّؤ القديمة والحديثة)(٩٢). كذلك في سنة (١٦٠٧م) فقد حدث التقاء جديد للكواكب في سماء أراقون، وكان ذلك موضوع تنبَّأ به من طرف جبرونيمو أوللر (Geronimo Oller)(٩٣).
وقد حرص الإسبان على اشتراك العوامل الطبيعية من أجل ترسيخ مشروعية قرار طرد الموريسكيين، إذ إنَّ هناك حوادث غدت بمثابة المعاجز حفَّزتهم على طرد الموريسكيين، فمنها ما يتعلَّق بجرس كبير الحجم يُدعى جرس فيليلا (Vililla) في قرية قريبة من سرقسطة، وكان يُدَقُّ بصورة عجيبة على أثر الملابسات الكبيرة لتاريخ إسبانيا، وهو ما فُسِّر بخطر الموريسكيين بالنسبة لإسبانيا(٩٤).
وهناك مجموعة من المعجزات ذات قيمة تنبُّئية، وهي تدلُّ على أنَّ السماء وعلى الخصوص السيِّدة العذراء، هما في جانب المسيحيين ضدَّ الموريسكيين، (وقد أحسَّت السيِّدة مريم كإهانة لابنها وإليها شخصياً وجود هؤلاء الآخرين على الأرض الإسبانية، وتنتظر هي الأُخرى بقلق وحيرة طردهم النهائي؛ ويُذكر أيضاً أنَّه في كنيسة نوتردام دوركارمان (Notre Dame du Garmen) بسرقسطة(٩٥).
ثمّ تسترسل الروايات عن المعاجز الأُخرى، إذ إنَّه (وخلال السنين الأُولى للقرن السابع عشر، أخذ تمثال السيِّدة العذراء في البكاء لقد بكت (٢٤) ساعة، ابتداءً من خميس الأسرار إلى لحظة وضع القربان المقدَّس فوق مذبح الهيكل، وهذا حتَّى انتهاء الحفل)(٩٦).
وسخَّروا معجزة أُخرى بحسب كلامهم تتضمَّن إشارة إلى عصيان الموريسكيين، وبالتالي حتمية طردهم، إذ إنَّه في سنة ((١٥٢٦م) كان تمثال آخر للسيِّدة العذراء من توبت (Tobet) من الأقلِّية بكاتالونيا (Catalogne) بمملكة أراقون، محلّى بجواهر عظيمة ورائعة أخذ ينضح عرقاً خلال (٣٦) ساعة، وهذا حسرة على تنكُّر الموريسكيين في المستقبل، وهم الذين تمَّ تعميدهم، إنَّ قطران العرق كانت كثيرة إلى درجة أنَّها ملأت كأساً، أصبحت حتَّى سنة (١٦١٠م) محلّ إجلال واحترام المؤمنين)(٩٧).
ونكتفي بتلك العلامات التي تدلُّ عندهم على اقتراب تخلُّصهم من الموريسكيين، وما رافقه من معجزات تدلُّ على قرب خلاصهم منهم.
٢ - المنقذ المسيحي عند الإسبان:
إنَّ صفة المنقذ عند الإسبان انصبَّتْ على وقتهم، ولم تأخذ بعداً دينياً بالنسبة للمسيحية ونظرتها للمنقذ نتيجة للاشتراك الثقافي النسبي أحياناً والكبير أحياناً أُخرى، فإنَّ الإسبان ونتيجة لحسّاسية الموضوع، ولتعلُّقه بالحياة السياسية، ووجود كلا الطرفين على الأرض المتنازع عليها، فقد أثَّر -ولو بشكل محدَّد على تفكير علمائهم بحسب ما فهمنا من النصِّ الوارد أدناه-، إذ بعد مراسلات قام بها أحد علمائهم ويُدعى (قادالاجار) على موريسكي، إذ إنَّه قال: (إنَّ المَلِك الذي يُهدِّدنا به العربي، يجب أن يكون مسيحياً، وسوف يأتي ليأخذ بيت القدس أين سيتوفّى؟ وسوف تنتصر بفضله كلمة الله، وسينتج عن ذلك أكبر المصائب للمحمّديين)(٩٨).
فهو يؤمن أو مقتنع بظهور المَلِك المنقذ بالنسبة للمسلمين، إلَّا أنَّه يرى أنَّ هذا المنقذ وبحسب اعتقاده يكون بجانب المسيحيين وليس ضدَّهم، إذ إنَّ فكرة المنقذ موجودة لديهم إلَّا أنَّ الاختلاف في أيِّ طرف يكون (وسوف يكون للأشخاص والأمكنة، في نطاق هذا التصوُّر التاريخي ومن الجهتين، نظائر متطابقة، ويظهر ذلك في حالة انتظار شعب لشخص فوق الطبيعي، وسوف يتمكَّن حسب الموريسكيين من تجميع عنف المضطهدين، حيث سيتقمَّص التدمير ليفتح بواسطته عصراً طويلاً من السلم، ونجد نفس الانتظار عند المسيحين، لكن في اتِّجاه معاكس)(٩٩).
أمَّا ما يخصُّ شخصية المنقذ المسيحي، فنتكلَّم أوَّلاً عن:
١ - اسمه وشخصيته:
تُعَدِدُ الرواية الإسبانية مجموعة من المنقذين والمخلِّصين الذين حفلت بهم المصادر التاريخية الإسبانية، الذين فرضهم عليهم واقع صراعهم مع الموريسكيين، واختلفت أشخاصهم وتعدَّدت أدوارهم، فمنهم من يرى أنَّه يُدعى:
أ - الانكوبيارتو (El encabierto) أو يُسمّى أوسترو (Austro) الذي سوف يأتي بالنجاة للمسيحيين، ولكنَّه سوف يُبيد ذرّية هاجر(١٠٠)، الذي يُسمّى بالنسبة للمسيحيين تارةً دون جوان (Don Juan) ملك النمسا، وتارةً فليب الثالث (Fhilippe)، فهو أيضاً ملقَّب بداود الجديد، حيث إنَّ داود هو أكبر مَلِك لعصر الأب المسيح، وإنَّ داود الجديد هو مسيح عصر الابن على الوجه الأكمل، ولافتتاح عهد (الألف سنة) الذي يُمثِّل سلطان الروح يُنتَظر بروز داود جديد تماماً سوف تتجسَّم فيه في نفس الوقت السلطتان الزمنية والروحية(١٠١).
ب - المَلِك فيليب الثالث: وكما أسلفنا سابقاً فإنَّ نبوءاتهم كانت تُمثِّل صراعهم مع الموريسكيين، فعلى هذا الأساس فإنَّ نبوءاتهم قد اختارت شخص فيليب الثالث الذي يطرد الموريسكيين، ويمحق العالم الإسلامي(١٠٢).
ج - المستتر: لا نريد أن نسترسل كثيراً في مجال تأثير شخصية المسلم المنقذ على المنقذ الإسباني، لكن الملفت للنظر في تراثنا الإسلامي أنَّ المنقذ المهدي (عليه السلام) الغائب هو بنفس المعنى بالنسبة للقب المنقذ الإسباني، وهنا يقوم المنقذ بجلب النجاة (للمسيحيين ويقضي على سلالة أقار، وعليه فإنَّ ذرّيته سوف تسقط ويلحقها العار)(١٠٣).
وبالنتيجة فإنَّ جهود المنقذ المسيحي سوف تنصبُّ على دخول عدد كبير من الأتراك، وسوف يعتنقون المسيحية، وأنَّه قبل سنة (١٥٧٥م) سوف يقضي على احتلالهم(١٠٤).
٢ - مواصفات المنقذ المسيحي:
لم تُزوِّدنا المصادر الإسبانية - بحدود اطِّلاعنا - بمواصفات مفصَّلة للمنقذ غير الذي ذُكِرَ حول شخصية المستتر فقط دون الآخرين، ومنها أنَّه (ذو قامة جميلة، وسحنة بيضاء، وكان يتكلَّم بالكلمة السهلة والصادقة، وهو يُحِبُّ العدل، وعدوّ العرب، تُجمِّله عينان زرقاوان، وله مشية جميلة، ويداه نظيفتان، وبصمات يده واضحة جدّاً وملوَّنة، وأصابعه ضامرة، وأظافره جميلة قصيرة، وأعضاء جسمه رشيقة، ويتمتَّع بأخلاق نبيلة، وهو يشبه المَلِك داود في حياته)(١٠٥).
ثالثاً: المنقذ الإسلامي:
يُعَدُّ المنقذ أو المخلِّص أو المهدي المنتظر وغيرها من الصفات كلُّها صفةً للإمام محمّد بن الحسن العسكري (عليه السلام). وقد دلَّت الأحاديث النبوية عن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهي مستفيضة كثيرة، نذكر منها قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لن تنقضي الأيّام والليالي حتَّى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلاً وقسطاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً»(١٠٦). وهو بالتحديد من ولد فاطمة (عليها السلام) بحسب قول الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ قال: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة (عليها السلام)»(١٠٧). والكلام حوله أشهر من أن يُذكر هنا(١٠٨).
أمَّا عند الموريسكيين ومنقذهم، فنحاول أن نلمَّ بكلِّ ما استطعنا أن نجمعه حوله من معلومات نزرة جدّاً تراوحت بين شخصيات مختلفة تنوَّعت أسماؤها بين مخلِّص ومنقذ ومَلِك، وصولاً إلى صاحب النعوت السابقة، وهو المسمّى عندهم (الفاطمي) نسبةً إلى السيِّدة الزهراء (عليها السلام)، والتي هي نقطة ارتكاز بحثنا المتعلِّق بالمنقذ، والتي تشير إلى الإمام (عليه السلام)، وسنُفصِّل القول في كلِّ ما يتعلَّق به وبتعدُّد شخصيته ومواصفاته وانحداره.
وقبل ذلك علينا أن نعلم أنَّ ابتعاد الموريسكيين عن نقاء تعاليم دينهم - وكما أشرنا سابقاً - أبعدهم عن فهم حقيقة المنتظَر في الديانة الإسلاميَّة نوعاً ما، فمع تشويش أفكارهم الدينية وسطوة محاكم التفتيش وأثرها في ذلك، واختلاط مفاهيم الديانة المسيحية والإسلاميَّة في بعض الأحيان - وهذا ما تراه في الألواح الرصاصية، كمثل قولهم في كلمة التوحيد: (لا اله إلَّا الله): (يسوع روح الله) -(١٠٩).
إلَّا أنَّ تلك الضبابية حول المنقذ ونسبه وشخصيته قد تغلَّبت على تلك الصعاب، وبقيت شخصية الإمام (عليه السلام) راسخة في أذهانهم ولو بالإطار العامِّ، لقوَّة تراث تلك الشخصية وأثرها في التراث الإسلامي، والتي تتماشى مع نصرة المظلوم، ووضع حدٍّ لاضطهاد الفقراء، ولكثرة ما صدر عن صاحب الشريعة حولها، وأثر أصحابه (رضي الله عنهم) في نشر تلك الفكرة، لاسيّما الإمام عليّ (عليه السلام) الذي يُعوِّل عليه الموريسكي بنشره، وهو الذي أثنى عليه حتَّى الإسبان في كتاباتهم عنه، لما يجدونه في كتب الموريسكيين المسلمين من مدح له، لكلِّ ذلك لم تُمْحَ شخصية الإمام المهدي (عليه السلام)، وظلَّت تتداولها الألسن مع بعض الضبابية عليها كما أوضحناها، وسنتدرج في ذكر ما يتعلَّق بشخصية المنقذ وصولاً إلى إتيان شخصية المنقذ للإمام المهدي (عليه السلام).
أمَّا أهمُّ المنقذين الذين توجَّهت إليهم علامات الإنقاذ والخلاص، وهي بأغلبها إشارة إلى منقذهم ومخلِّصهم، والتي تدلُّ على الشخص المنتظَر الموعود، وإن لم تُصرِّح باسمه، بل بألقابه، وهو عين ما نجده في الأحاديث والروايات الإسلاميَّة المشرقية، لاسيّما عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، والتي نهت عن الإفصاح عن اسمه، بل اكتفت بالإشارة إليه بصفاته (عليه السلام) وأسماء تدلُّ عليه، فعن داود بن القاسم الجعفري، قال: سمعت أبا الحسن عليَّ بن محمّد (عليهما السلام) قال: «الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟!»، قلت: ولِمَ؟ جعلني الله فداك. فقال: «لأنَّكم لا ترون شخصه، ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه»، فقلت: فكيف نذكره؟ قال: «قولوا: الحجَّة من آل محمّد (عليه السلام)»(١١٠)، وغيرها أحاديث كثيرة.
رابعاً: أصحاب المنقذ:
بالنسبة للمنقذ في فكر الموريسكيين، ورغم تعدُّد شخصياتهم، إلَّا أنَّنا نجد أنَّ الموريسكيين وعند الكلام عن منقذهم وعن أصحابه من خلال النبوءات التي تحدَّثت عن منقذهم، نراهم يذكرون بعض أصحاب المنقذ المنتظَر لديهم، ذاكرين موطنهم وبالتحديد بلاد البربر، واختيار أفريقيا بالنسبة للنبوءة الموريسكية تتلاءم مع مخيَّلته في اللاشعور بالسند والمدد الآتي من نزوحهم وهجرتهم الأُولى في الشمال الأفريقي، لأنَّها ترتبط ارتباطاً مباشراً بإنقاذ الموريسكيين تاريخياً، لذلك عند الحديث عن المنقذ لم تتجاوز عقلية الموريسكي حدود ونطاق وجوده الجغرافي، إلَّا أنَّ الملفت للنظر في هذه النبوءة أنَّها تطابقت تماماً مع الرواية المشرقية، إذ إنَّ الأخبار عن أصحاب الإمام (عليه السلام) كان عن طريق الإمام عليٍّ (عليه السلام)، والنبوءة حول منقذ الموريسكيين وأسماء أصحابه كانت أيضاً عن طريق الإمام عليٍّ (عليه السلام) الذي أحبَّه الموريسكي، وأصبح أقرب المقرَّبين إليهم بعد الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(١١١).
وخلاصة النبوءة حول أصحاب المنقذ أنَّه الذي أسمته النبوءة الفاتح، (إنَّه سيجي الفاتح إلى حصن داماس (Damas)، وسيقدم بصحبته قادة عظام من البربر: الشريفي (Xerife)، وعيدار (Eidar)، وزيد الأسمر (Zyyd el Moreno)، ويحيى الفريد (Yahaya el farid)، وعبد السلام (Abdl celem)(١١٢)، ويبدو أنَّ هذا النظير ذو مكانة خاصَّة عند أقرانه، إذ إنَّه كان يُوصَف بقوَّته الجسمانية، إذ تذكر النبوءة أنَّه (سيبرز بقوَّة ذراعيه العارية بين الناس أجمعين)(١١٣).
خامساً: وقت الظهور للمنقذ:
تُحدِّد الرواية الإسلاميَّة ظهور المنقذ المتمثِّل في الإمام المهدي (عليه السلام) بعلامات خاصَّة منها كبرى ومنها صغرى، ومنها بعض العلامات المتفرِّقة التي تنبأ عن اقتراب ظهوره المبارك، ولم يقترن الظهور المبارك بوقت معلوم.
أمَّا بالنسبة للنبوءات والروايات الموريسكية فقد حدَّدت أماكن أزمنة مختلفة لمنقذها، فأوَّل هذه النبوءات كانت تُؤكِّد على خلاص المسلمين على لسان الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) برواية الإمام عليٍّ (عليه السلام) في الأندلس، إذ تقول الرواية: في العام الذي يوافق مطلعه يوم سبت(١١٤) في عام كبيسة على وجه التحديد(١١٥)، وهو الخلاص الأبدي الذي أخبر به الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الإمام عليَّ بن أبي طالب (عليه السلام)، إذ تقول النبوءة: (كما أنَّ العام الكبيس الذي طال الشوق إليه بدأ في يوم سبت، وهو عينه الذي أخبر محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صهره عليّاً (عليه السلام) أنَّ ربَّنا سيُرسِل فيه الغوث لعائلته)(١١٦).
وتأتي نبوءة أُخرى أكثر تحديداً للتاريخ، تُؤرِّخ نزول السيِّد المسيح (عليه السلام) المتزامنة والمرادفة مع ظهور المهدي (عليه السلام) في الرواية الإسلاميَّة، ومحدِّدة مكان الظهور من منطقة الجوف، إذ تذكر النبوءة تاريخاً مبهماً علنياً إلَّا أنَّه مفهوم لديهم، فتقول النبوءة ذات اللغة المرتبكة: (وفي عوم أربعة يكون إلَّا رومت إلى الترك، وبعد ذلك يأتني رجل شديد يد يد نصرته بعد يد كبيراً، فيا أهلي الإسلام كوناً على حضار، في ذلك أزمان قد قريب كالبنيان المرصوص إلَّا أنَّ هذه الزمون إلَّا برّاً له أن يظهر كما ظهر من قباً له، وأنَّ جميع هذه الأُمور يكون ابتدوها في عام اثنان وتسعمائة في أرض الجوف، ويدوم حتَّى الأعام ستَّة وأربعون عجام وإلى خروجه، والشروط المذكرة وهي قللة أو قللة العليم وقليلة القراءة حتَّى يزلى عيسى بن مريم)(١١٧).
والملاحظ على بعض النبوءات أنَّها قد خطفت العلامات الكونية أو ذات الجغرافية المحدَّدة في مناطق معيَّنة حدَّدتها الروايات الإسلاميَّة الأصلية، وأخذوا يسلبون محتواها ويُطبِّقونه على بلدهم ومُدُنهم، إذ وكما ألمحنا سابقاً أنَّ الغرض من هذه النبوءات هو التوصُّل إلى خلاص من واقعهم من خلال تحفيزهم على الثورة، وهذا ما نجده على أرض الواقع، إذ تذكر إحدى الروايات التاريخية التي تخصُّ ثورة الموريسكيين أنَّهم اعتمدوا تلك النبوءات في الثورة حتَّى قرَّروا إطلاق صيحة الثورة في ليلة فاتح يناير لعام (١٥٦٩م)، لأنَّ النبوءات التي رجعوا إليها في كتبهم وعدت باسترجاع غرناطة من طرف أبناء الإسلام في نفس اليوم الذي ضاعت فيه)(١١٨).
أمَّا أهمُّ ما أُشير إليه من المنقذين وإن اختلفت أدوارهم وتنوَّعت أسماؤهم، فهم:
١ - السيِّد الكبير: ذكرته الروايات الموريسكية جاعلة مهمَّته حمايتهم من الطرد، وأطلقت عليه لقب السيِّد الكبير الذي كان منتظراً قبيل الطرد نفسه ليأخذ الموريسكيون تحت حمايته، ويُمكِّنهم من عبور أزمنة المحنة بأكثر سهولة(١١٩).
٢ - المَلِك: ذكرته الكتابات الموريسكية التي تنبَّأت بالمنقذ المخلِّص لهم من بطش الإسبان وتخلّيهم من واقعهم المتمثِّل بعملية الطرد، إذ أكَّدت التنبُّؤات أنَّهم أقرّوا بما أنتجته أيديهم من ابتعادهم عن الدين وانحيازهم إلى ملذّات الدنيا، فسلَّط الله عليهم ملوك الإسبان، ليعاقبوهم بما كسبت أيديهم بقسوة بالغة، غير أنَّ الله تعالى وعلى لسان الموريسكيين سيُخلِّصهم على يد مَلِك يُظهِر دين الله تعالى الإسلام على البسيطة كلِّها، والنبوءة جاءت بعد مناظرة (قوادالاخارا اي كزافي) لسنة (١٦١٦م) والخاص بمراسلة كتبها أحد المورسيكيين الغرناطيين الذي طُرِدَ إلى مدينة الجزائر والمسمّى مولينا (Molina) إلى أحد سُكّان مدينة تروخيلو (Trajillo) الإسبانية دون خيرونيمو دي لويزا (Don Geronima de Louysa).
وهذا نصُّ المحاورة: (لتعتقد فضيلتك وأنَّ الطرد لم يكن من عمل مَلِك إسبانيا، بل هو نتاج عن وحي إلهي، فلقد رأينا هنا بالفعل تكهُّنات ترجع من بلادكم، ومن أجل ذلك سوف يغرس هذه الفكرة في عقل المَلِك وعقول مستشاريه، وإنَّ عدداً كبيراً من ذوينا سوف يهلكون برّاً وبحراً، وباختصار كلُّ ما حدث فعلاً كما تنصُّ هذه التكهُّنات على أنَّ الله تعالى سوف يأخذ على حسابه أقلّ إهانة على العالم كلِّه، وتعجز عنه الحصار والمدافع)(١٢٠).
ويبدو أنَّ (قوادالاخارا) قد تأثَّر بالنبوءات الإسلاميَّة كما أسلفنا، وأراد أن يسحب البساط من المسلمين في انتظار منقذهم وتسخيره لصالح معتقداتهم المسيحية، فنراه يُفنِّد أُطروحتهم قائلاً في ردٍّ على الموريسكي الآنف الذكر: (إنَّ المَلِك الذي يُهدِّدنا به العربي يجب أن يكون مسيحياً، وسوف يأتي ليأخذ بيت المقدس، أين سيتوفّى؟ وسوف ينتصر بفضل حكمة الله، وسينتج عن ذلك أكبر المصائب للمحمّديين)(١٢١).
٣ - عدوُّ الملحدين: هكذا وُصِفَ هذا المنقذ الموريسكي من قِبَل الإمام عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) في إحدى النبوءات التي تنبَّأ فيها بمصير جزيرة الأندلس، ويُقدِّم له بعلامة كبرى هي من علامات الظهور، والنبوءة تقول: (ويحلُّ موسم الحصاد عندما يظهر أحد الشُّهُب معلناً مجيء الخير والحرّية، سوف تهدأ القلاقل ويخرج أهل مكَّة (Meca)، ويأتي عدوُّ الملحدين من أراضي (Haraje) التي تقع باتِّجاه الشرق من ممالك اليمن (Yamen)، وسوف يفتح أرض سبتة (Ceuta) والقصر (Alcazar) وطنجة وأرضي السودان، ثمّ يهبط غرباً بصبحة جيوش ضخمة من الأتراك، ليستعمر قاطني تلك البقاع، وهم سادة ظالمون وكافرون يعبدون أرباباً كثراً، وستعود المملكة بأسرها للانقياد إلى رسول الله، وستُعظَّم فيها الشريعة، ويستحوذ سلالة من يعبدون إلهاً واحداً على جبل طارق الذي ترجع إليه أُصولهم وبداية دخولهم، ولا بدَّ من العودة إليه)(١٢٢).
٤ - المَلِك الرفيع الشأن: وهو نعت آخر للمنقذ المنتظَر عند الموريسكيين، وصفته النبوءة بأنَّه (ملكاً رفيع الشأن، خفي، هامَّته أعلى من الجبال، يضرب البحر بيده فينفلق، ويخرج منه جسر)(١٢٣)، ويكون ظهور هذا المَلِك بعد عدَّة مصائب عظيمة تقع على كاهل الموريسكيين.
٥ - السلطان: وهو وصف آخر للمنقذ الذي وعد به التراث الموريسكي أبناءهم من أجل تخليصهم من معاناتهم، فسوف (يظهر سلطان كبير من العرب، وسيحميهم، وأنَّ هذا الموريسكي يعرف شخصياً أنَّ هذا السلطان سوف يأتي)(١٢٤).
٦ - ابن الجزيرة: وهو الذي وعد به الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولم يسمه، بل أعطاءهم مواصفاته، وفي حالة معرفته عليهم باتِّباعه لإنقاذهم، بعد معاناتهم وظلمهم من الإسبان، واعداً إيّاهم بالفرج، (غير أنَّ الله سوف يخلق في هذا الزمان ابن للجزيرة، وإنَّ إيّاه سيكون رجلاً أصمّ ووالدته امرأة ذات عينين زرقاوين، وإنَّ أحد إخوته سيُولَد مختوناً)(١٢٥).
٧ - الفاطمي: وصلنا إلى مسك ختامنا حول الشخصية الحقيقية للمنتظَر الموعود، والتي اقتبسنا منها الشخصية الموريسكية، كلُّ أُولئك المخلِّصين السابقين بصفات معيَّنة وأسماء مستعارة وأماكن متفرِّقة لظهوره وإمكانيات محدودة معتدلة وخارقة أحياناً أُخرى، وكلُّها أخذت تلك الأدوار من الشخصية التي بشَّر بها الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لإنقاذ الأُمَّة، مقتبسين منها ما يلاءم تطلُّعاتهم الآنية، وقد دارت شخوص منقذيهم حول هذه الشخصية الإسلاميَّة الأصلية.
وربَّما كانت شهرة الموعود المنتظَر (عليه السلام) وما تناقلته الروايات الإسلاميَّة المنقولة عن الرسول محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هي الدافع وراء التشبُّث بذلك الأمل، محاولين التخلُّص من واقعهم المرير الذي عاشوه، بواسطة ذلك الأمل المنشود. ونظراً لظروف الموريسكيين الآنفة الذكر فقد أُجبروا بطريقة أو أُخرى على الابتعاد عن أصالة مرويّاتهم التاريخية الإسلاميَّة التي تخصُّ العقيدة، أو ربَّما شُوِّهت، وبعدَّة عوامل:
منها: ما قام به الإسبان من حظر لكلِّ ما يمتُّ للإسلام وللعروبة بشيء داخل شبه جزيرة ايبريا بواسطة محاكم التفتيش والقرارات الصادرة من ملوكهم التي تساند محاكم التفتيش بقراراتها المجحفة على الموريسكيين ومساندتهم لها.
ومنها: منع التعلُّم باللغة العربية، وهي السبب المباشر بابتعادهم عن دينهم، وكما قال موريسكي مجهول: (إنَّ الذي يفقد لغته العربية، يفقد في نفس الوقت دينه)(١٢٦).
وبعد كلِّ الذي حصل تجاه المسلمين إلَّا أنَّ شخصية المهدي المنتظَر (عليه السلام) بخطوطها العريضة وتراثها الأصيل لم تندثر، وتوجَّهت إليها الأنظار شاخصة، ليبقى أصلهم الذي تَحْدوا إليه أبصارهم، وقد ذُكِرَ منهم وعُرِفَ على أنَّه (الفاطمي) نسبه إلى السيِّدة البتول فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وذُكِرَ في أكثر من موضع بعد أن مُهِّد له بعلامات للدلالة على ظهوره المبارك، فأكَّدوا أنَّه ينتمي إلى العرب والعروبة، فقد ذكر (ازناركاردونا) أنَّ العرب الذين يعيشون في سيارا دو كورتاس (Sierra de Cortes y Aguar) ينتظرون قدوم أحد المحرِّرين، وسيكون الفاطمي أحد شخصياتهم المجهولة عندما كان يحارب المَلِك جايم (Jaime). لقد كانوا يعتقدون وما زالوا متعلِّقين بفضل رواية، مؤكِّدة...، ومفادها أنَّ العربي الفاطمي سوف يقدم ليُحرِّرهم ويقتل المسيحيين، وسوف يقدم على حصان أخضر، ويتوغَّل في هذه الجبال(١٢٧).
وسيكون خروج هذا المنقذ مواجهة الشرق بحسب النبوءات الموريسكية، (من هناك من تامور (Tamor) وهي بلاد في المشرق تقع في مقاطعة شيم (Xem) سيبجي الفاتح(١٢٨).
ونتيجةً لقدومه من مشرق الأرض التي نزح منها آباؤهم وموطن رسولهم الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لذلك فإنَّ أصله يُنسَب إلى ذلك المكان المقدَّس لديهم، بعد أن تذكر علامات ظهوره بقولهم: (إنَّ علامة النحس الذي ينزل على النصارى يكون إذا أخذ المشرفي مدينة البحر)(١٢٩).
وقبل نزول السيِّد المسيح (عليه السلام) كان الموعد لهم مع مخلِّصهم الذي أُشير له هذه المرَّة برجل شديد(١٣٠).
وبحسب قراءة نصوص آخر الزمان والعلامات الدالَّة على الظهور المبارك، من خلال المرويّات الموريسكية عن اعتناق الناس لدين واحد، إذ يقول الحجري: (إنَّه سيكون في زمن الفاطمي، لأنَّه صحَّ عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً كما يجدها ملأ جوراً وظلماً)(١٣١).
الهوامش:
(١) الموريسكييون: هم المسلمون الذين بقوا في شبة جزيرة ايبيريا بعد سقوط الأندلس سنة ٨٩٧هـ - ١٤٩٢م.
(٢) وقائع ثورة الموريسكيين/ مارمول كارباخال/ ترجمة وسام محمّد جزر ١: ٢٢٧، مراجعة وتقديم: جمال عبد الرحمن، المشروع القومي للترجمة، ط ١، مصر، ٢٠١٢م.
(٣) الاندلسييون وهجراتهم إلى المغرب خلال القرنين (١٦ و١٧)/ محمّد رزق: ٢٤٧، دار أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، ١٩٨٩م.
(٤) تاريخ ثورة الموريسكييون وطردهم من إسبانيا وعواقبه على سائر أقاليم المملكة/ اي غفيريا خوسي مونيوث/ ترجمة د. عبد العزيز السعود: ١٠٣، منشورات ليتوغراف، ط ١، طنجة، ٢٠١٠م.
(٥)
(Mcdina، Francisco Javier Martines، Cristianos Y Musulmanes en la Andalucia modrna. La Granada del siglo XVI، uma ciudad intercultural: Invenciones de reliquias Y libros plumbeos، Tesis Doctoral Universidad de Granada.).
(٦) التراث الإسلامي في الأدب الإسباني/ لوسي لوبيز بارلت ١: ٧٧٨، بحث منشور ضمن كتاب الحضارة العربية الإسلاميَّة في الأندلس، تحرير سلمى الجيوسي الخضراء، مركز دراسات الوحدة العربية، ط ٢، بيروت، ١٩٩٩م.
(٧) الأندلسييون وهجراتهم إلى المغرب/ رزق: ٢٤٧.
(٨) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٢٥.
(٩) المصدر نفسه ١: ٢٢٦.
(١٠) المصدر نفسه.
(١١) المصدر نفسه ١: ٢٣١.
(١٢) المصدر نفسه ١: ٢٣٤ و٢٣٥.
(١٣) المصدر نفسه ١: ٢٤١.
(١٤) (Analabarta،Carmen Barcelo، Archivos Moriscos، Textos Arabes De La Minoria Islamica Valenciana، -،(، espania)،p.).
(١٥) علامات الظهور دراسة وتحليل/ محمّد رباط الفرطوسي، منشورات سعيد بن جبير، إيران، ٢٠٠٥م.
(١٦) الغيبة/ ابن أبي زينب أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني (ت ٣٦٠هـ): ٢٨٠، تحقيق: فارس حسّون كريم، دار الجوادين، العراق، ٢٠١١م.
(١٧) حرب غرناطة/ أُورتادو دي مندوثا/ ترجمة إيمان عبد الحليم وسلوى محمود: ٤٧، المشروع القومي للترجمة، مصر، ٢٠٠٨م.
(١٨) الجامع الصحيح/ أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت ٢٥٦هـ) ٩: ٦٠، تحقيق: محمّد زهير بن ناصر، دار طوق النجاة، ط ١، (بلا ت - ١٤٢٢هـ.
(١٩) كمال الدين وتمام النعمة/ أبو جعفر محمّد بن عليِّ بن الحسين بن بابوية القمّي (الصدوق) (ت ٣٨١هـ) ٢: ٥٩٠، تصحيح: العلَّامة الشيخ حسين الأعلمي، مؤسَّسة الأعلمي للمطبوعات، ط ١، بيروت، ١٩٩١م.
(٢٠) صحيح مسلم بشرح الإمام محي الدين النووي المسمّى المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج (ت ٦٧٦هـ) ١٨: ٢٧٨، تحقيق: الشيخ خليل مأمون، دار المعرفة، ط ١٧، بيروت ٢٠٠٩م.
(٢١) كمال الدين/ الصدوق ٢: ٤٧٦.
(٢٢) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٣٩.
(٢٣) المصدر نفسه.
(٢٤) صحيح مسلم ٨: ١٩٥.
(٢٥) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٣٩.
(٢٦) المصدر نفسه ١: ٢٣٩ و٢٤٠.
(٢٧) مسند الإمام أحمد بن محمّد بن حنبل (ت ٢٤١هـ) ٣: ٣٦٨، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسَّسة الرسالة، ط ٢، بيروت، ٢٠٠٨م.
(٢٨) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٠.
(٢٩) صحيح البخاري ٨: ١٨٨.
(٣٠) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٠.
(٣١) سنن ابن ماجة/ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يزيد القزويني (ت ٢٧٥هـ) ٢: ١٣٦، تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي، مطبعة إحياء الكتب العربية، القاهرة، ١٣٧٢هـ.
(٣٢) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٠.
(٣٣) رحلة أقوقاي الأندلسي مختصر رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب (١٦١١ - ١٦١٣م)/ أحمد بن قاسم بن أحمد بن قاسم بن الشيخ الشيخ الحجري الأندلسي (بعد سنة ١٦٤٠م): ١٦٢، تحقيق: محمّد رزق، دار السويدي للنشر والتوزيع والمؤسَّسة العربية للدراسات والنشر، ط ١، أبو ظبي، بيروت، ٢٠٠٤م.
(٣٤) علامات الظهور/ الفرطوسي: ٣٩.
(٣٥) إعلام الورى بأعلام الهدى/ أبو عليّ بن الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨هـ) ٢: ٢٨٥، تحقيق: مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، ط ١، قم، ١٤١٧هـ.
(٣٦) الغيبة/ النعماني: ٢٦٩.
(٣٧) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٣٥.
(٣٨) ظاهرة التكهُّن علامة من علامات الهويَّة الموريسكية/ لوي كاردياك: ١٣٤، بحث منشور ضمن كتاب تراجيديا طرد الموريسكيين من الأندلس والمواقف الإسبانية والعربية الإسلاميَّة منها، منشورات مركز الدراسات والترجمة الموريسكية، تونس، ٢٠١١م.
(٣٩) التاريخ غير مفهوم بالنسبة لنا، وربَّما أراد بها سنوات العجم وإن تكن كذلك فلا تساهم أيضاً في معرفة التاريخ بالضبط.
(٤٠) (Analabarta، Archivos Moriscos.p).
(٤١) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد/ الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي (المفيد) (ت ٤١٣هـ) ٢: ٣٦٨، نشر وتحقيق مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، ط ١، العراق، ١٩٩٥م.
(٤٢) الأندلسييون وهجرتهم إلى المغرب/ رزق: ٢٤٧.
(٤٣) الموريسكيون في إسبانيا والمنفى/ ميكيل دي إيبالثا/ ترجمة جمال عبد الرحمن: ١٨٥، المشروع القومي للترجمة، مصر، ٢٠٠٥م.
(٤٤) علامات الظهور/ الفرطوسي: ١٦٣ و١٦٤.
(٤٥) الغيبة/ النعماني: ٢٤٣.
(٤٦) كمال الدين/ الصدوق ٢: ٥٩٠.
(٤٧) (Analabarta، Archivos Moriscos.p).
(٤٨) (Ibid.p).
(٤٩) (Ibid.p).
(٥٠) رحلة أقوقاي/ الحجري: ١٦٢.
(٥١) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٣٦.
(٥٢) البشرات (Alpujarras): وهي المنطقة الجبلية الواقعة جنوب جبل شلير على مقربة من البحر المتوسِّط، وتشتهر بأراضيها الخصيبة وبساتينها اليانعة. يُنظَر حولها: الإحاطة في أخبار غرناطة/ لسان الدين محمّد بن عبد الله السلماني (ابن الخطيب) (ت ٧٧٦هـ) ٣: ١٦٨، تحقيق: محمّد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي، مصر، ١٩٧٣م.
(٥٣) سيرنيفادا: وهو من الجبال المشهورة بالأندلس وتقع بالقرب من غرناطة، يُنظَر حولها: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق/ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن إدريس الإدريسي (ت ٥٦٠هـ - ١١٦٤م) ٢: ٥٦٩، ط ١، بيروت، عالم الكتب، ١٩٨٩م.
(٥٤) (Analabarta، Archivos Moriscos.p).
(٥٥) حرب غرناطة/ دي مندوثا: ٤٧.
(٥٦) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤١.
(٥٧) (Analabarta، Archivos Moriscos.p).
(٥٨) كمال الدين/ الصدوق ٢: ٦٧١.
(٥٩) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٣٥.
(٦٠) صحيح مسلم/ حديث رقم ٥٢٢٨.
(٦١) المصدر نفسه ٨: ١٩٧.
(٦٢) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٠ و٢٤١.
(٦٣) كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأُمور الآخرة/ أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الأندلسي القرطبي (ت ٦٧١هـ): ١٣٢٧، تحقيق: الصادق بن محمّد بن ابراهيم، مكتبة دار المنهاج، الرياض، ١٤٢٥هـ.
(٦٤) الفتن/ نعيم بن حمّاد بن معاوية المروزي (ت ٢٢٩هـ): ٣٨٥، تحقيق: محمّد أحمد عيسى، دار الغد الجديد، ط ١، القاهرة، ٢٠١٠م.
(٦٥) العرف الوردي في أخبار المهدي/ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي: ٧٤، تحقيق: أبو يعلى البيضاوي، دار الكتب العلمية، لبنان، ٢٠٠٦م.
(٦٦) المصدر نفسه: ١٣٤.
(٦٧) رحلة أقوباي/ الحجري: ٢٠٥.
(٦٨) (Analabarta، Archivos Moriscos.P)
(٦٩) وقائع ثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٠.
(٧٠) المصدر نفسه.
(٧١) المصدر نفسه.
(٧٢) (Analabarta، Archivos Moriscos.P).
(٧٣) (lbid.P).
(٧٤) وقائع الثورة الموريسكيين/ كارباخال ١: ٢٤٢.
(٧٥) المصدر نفسه ١: ٢٣٠.
(٧٦) المصدر نفسه ١: ٢٢٧.
(٧٧) المصدر نفسه ١: ٢٢٨.
(٧٨) المصدر نفسه ١: ٢٣٠.
(٧٩) الأندلسيون وهجرتهم إلى المغرب/ رزق: ٢٤٨.
(٨٠) ظاهرة التكهُّن/ كاردياك: ١٣٤.
(٨١) المرجع نفسه.
(٨٢) المرجع نفسه.
(٨٣) المرجع نفسه.
(٨٤) المرجع نفسه: ١٣٣.
(٨٥) موسوعة كتب الغيبة/ مجموعة من العلماء: ١٤٠، مكتبة المصطفى الأمين، ط ١، الكاظمية المقدَّسة، ٢٠١٠م.
(٨٦) ظاهرة التكهُّن/ كاردياك: ١٣٤.
(٨٧) الموريسكيون الأندلسيون والمسيحيون المجابهة الجدلية (١٤٩٢ - ١٦٤٠م)/ لوي كاردياك/ ترجمة عبد الجليل النمس: ٦٦، منشورات المحلّية التاريخية المغربية وديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط ١، تونس، ١٩٨٣م.
(٨٨) الموريسكيون الأندلسيون/ لوي كاردياك: ٦٦.
(٨٩) إلزام الناصب في إثبات الحجَّة الغائب/ عليّ اليزدي الحائري (ت ١٣٣٣هـ) ٢: ١٧٤، منشورات دار ومطبعة النعمان، ط ٢، بيروت، ١٩٧١م.
(٩٠) المصدر نفسه ٢: ٢٢٧.
(٩١) الموريسكيون الأندلسيون/ لوي كاردياك: ٦٦.
(٩٢) المرجع نفسه.
(٩٣) المرجع نفسه: ٦٦ و٦٧.
(٩٤) المرجع نفسه: ٦٦.
(٩٥) المرجع نفسه: ٦٧.
(٩٦) المرجع نفسه.
(٩٧) المرجع نفسه: ٦٨.
(٩٨) ظاهرة التكهُّن/ لوي كاردياك: ١٣٢.
(٩٩) المرجع نفسه.
(١٠٠) المرجع نفسه: ١٣٢ و١٣٣.
(١٠١) المرجع نفسه: ١٣٤.
(١٠٢) الموريسكيون الأندلسيون/ لوي كاردياك: ٦٥.
(١٠٣) المرجع نفسه.
(١٠٤) المرجع نفسه.
(١٠٥) الإرشاد/ المفيد ٢: ٣٤٠.
(١٠٦) إلزام الناصب/ الحائري ٢: ٤٢٤.
(١٠٧) للمزيد يُنظَر: موسوعة الغيبة.
(١٠٨) ناصر الدين/ الحجري: ٣٧.
(١٠٩) الإرشاد/ المفيد ٢: ٣٤٩.
(١١٠) إلزام الناصب/ الحائري ٢: ٢٠١.
(١١١) وقائع ثورة الموريسكين/ كارباخال ١: ٢٢٨.
(١١٢) المصدر نفسه.
(١١٣) الغيبة/ النعماني: ٣٠٠.
(١١٤) وقائع ثورة الموريسكين/ كارباخال ١: ٢٤١.
(١١٥) المصدر نفسه.
(١١٦) (Analabarta، Archivos Moriscos.P).
(١١٧) تاريخ ثورة الموريسكين/ خوسي مونيوث: ١٠٥.
(١١٨) ظاهرة التكهُّن/ لوي كاردياك: ٢٣٣.
(١١٩) المرجع نفسه: ١٢٧ و١٢٨.
(١٢٠) الموريسكين/ لوي كاردياك ١: ٢٢٧.
(١٢١) وقائع ثورة الموريسكين/ كارباخال ١: ٢٢٧.
(١٢٢) المرجع نفسه ١: ٢٣٨.
(١٢٣) الموريسكيون الأندلسيون/ لوي كاردياك: ٦٣.
(١٢٤) المرجع نفسه.
(١٢٥) المرجع نفسه: ١٣٧.
(١٢٦) المرجع نفسه: ٦٣.
(١٢٧) وقائع ثورة الموريسكين/ كارباخال ١: ٢٢٨.
(١٢٨) ناصر الدين/ الحجري: ٢٥.
(١٢٩) (Analabarta، Archivos Moriscos.P).
(١٣٠) ناصر الدين/ الحجري: ١٩٤.
(١٣١) المصدر نفسه.