خلاصة بحث: عولمة الغرب وعالمية الدولة المهدوية
الدكتور عاطي عبيات
إنّ العولمة من المفاهيم الحديثة التي أخذت بالانتشار بين الأوساط الثقافية في الفترة الأخيرة، فمنذ فترة غير قصيرة بدأ يتدفق على المجتمع الإسلامي خطاب متنوع المستويات عن العولمة تسيطر عليه عبارات وأوصاف ومصطلحات متباينة مثل: ثورة المعلوماتية الكونية، ثورة الاتصالات والمواصلات الفائقة السرعة، العالم قرية صغيرة، الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقارات، اقتصاد السوق الحرة، وأمثال ذلك، وقد تم التنظير لها في أدبيات الثقافة المعاصرة بأسلوب لا يخلو من الشعور بالانبهار.
إلّا أنّ هذا المفهوم وإنْ كان يشير إلى عنصر من عناصر الحداثة، لكنّه في الوقت نفسه يُعبِّر عن حاجات مكنونة في أعماق الفطرة الإنسانية الباعثة على التعامل السلمي بين أبناء البشر، كما أنّ هذا الشعور المودع في فطرة الإنسان يعتبر مورداً لاهتمام الوحي الإلهي، الذي أخذ يحثّ أصحاب هذه الفطرة بالتوجّه نحو عالمية المفهوم، والشعور المشترك بين جميع بني البشر.
والمجتمع المتقدم هو مع العولمة التي يمكن أن تكون آليةً للتواصل الحضاري، ويرى أنّ حل مشاكل العالم يكمن في عالمية الإسلام، ويتعاطى مع العولمة بكل إيجابياتها الواقعية، ويعتقد أنّ ذلك يكمن في تعميم الفكر الإسلامي الأصيل، ويرى أنّ أبرز مصاديق ذلك يتمثل في قيام الدولة المهدوية العالمية، التي ستتمكن من بناء المجتمع الصالح على أسس تنعم فيها البشرية، ويعمّ فيها الأمن والسلام، وتقضي على كل ما يعصف بالعالم من ظلم واستبداد.
إن الدولة الإسلامية العالمية المهدوية سوف تظهر بعد أنْ ييأس الناس من إيجاد الحلول لمشاكلهم المتوارثة والتي صنعوها بأيديهم من خلال الابتعاد عن التشريع الإلهي ونبذهم دين الله وراء ظهورهم، عند ذلك فقط سوف تتوحد الشعوب وتنهض الأمة الإنسانية لبناء مجدها على هذا الكوكب المحطم، بقيادة الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه).
وفي هذا المقال سنتطرق إلى مفهوم العولمة وأسبابها كما نتطرق إلى عالمية الدولة المهدوية وآثارها الإيجابية على حياة الشعوب في أرجاء المعمورة.