خلاصة بحث: منهج الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين وتمام النعمة
پرويز آزادي
ترجمة: السيد جلال الموسوي
لقد اشتهر ابن بابويه بالصدوق بين علماء الدين، وهو عندهم من وجوه الطائفة، وهذه الشهرة إنّما هي لوثاقته واعتباره في نقل روايات الأئمَّة الأطهار (عليهم السلام) أوّلاً، وثانياً لمؤلّفاته القيمة في الدفاع عن المذهب والتشيع وردِّ وإبطال عقائد المخالفين.
لقد ترك ابن بابويه القمّي، بصفته محدثاً شيعياً، ميراثاً عظيماً للأجيال اللاحقة، أحدها كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) في تبيين المهدوية من وجهة نظر الشيعة الإمامية ونقض آراء القائلين بالفترة (انفصال سلسلة الإمامة) ورفع شك المتحيرين في مسألة غيبة حضرة ولي العصر والزمان (عليه السلام).
هذا وإن اسم الكتاب مقتبس من الآية الشريفة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي﴾ (المائدة: ٣)، لأنَّ كمال الدين في الولاية والإمامة، والتي تحقّقت في وجود الوصي الثاني عشر لرسول الله الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
وبتتبّعنا لروايات هذا الكتاب، يظهر أنَّ أكثر الروايات الواردة فيه مروية عن طريق خمسة رواة من مجموع (٨٨) راوٍ، حيث نُقل عن هؤلاء ما يقارب (٥٥%) من مجموع روايات الكتاب، وهؤلاء الرواة هم:
١- علي بن بابويه (رحمه الله).
٢- محمد بن الوليد القمّي (رحمه الله).
٣- المظفر العلوي العمري السمرقندي (رحمه الله).
٤- محمد بن المتوكل (رحمه الله).
٥- أبو العباس بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله).
لقد وردت عدَّة طعون من قبل الفرق المختلفة المخالفة للشيعة في القرنين الثالث والرابع الهجري، حول الإمام الغائب (عجّل الله فرجه) ونحو غيبته، ولذا فإنَّ علماء الإمامية اضطرّوا إلى الدفاع عن المذهب فأجابوا عن تلك الشبهات.
وفي هذا المجال، صُنِّفت عدَّة كتب أهمّها كتاب (الغيبة) للشيخ النعماني (رحمه الله)، كتاب (كمال الدين وتمام النعمة) للشيخ الصدوق وكتاب (الغيبة) للشيخ الطوسي (رحمه الله). وعند مقارنتنا بين موضوعات هذه الكتب الثلاثة، استنتجنا بأنَّ كتاب الشيخ الصدوق (رحمه الله) يمتاز بميزات خاصّة منها: توقيعات إمام العصر والزمان (عجّل الله فرجه)، نقل أخبار المعمّرين، التطرّق للمباحث الكلامية، ممارسة الجرح والتعديل لبعض الرواة والاستفادة من عدّة مصادر شيعية.
لقد بقي هذا الكتاب ولقرون متمادية كمصدر أساسي وأصلي لروايات الغيبة والإجابة عن الشبهات المطروحة، وإن الكثير من المؤلفين استفادوا منه في نقل الروايات والحديث.
إنَّ تنوع وكثرة الكتب التي اعتمدت على هذا الكتاب كمصدر أساسيّ لمحتوياتها، يدلُّ بوضوح على اعتبار هذا الكتاب عند علماء الإمامية البارزين، وتوثيقهم واطمئنانهم به.