الوضع السياسي للحجاز قُبيل الظهور
الوضع السياسي للحجاز قُبيل الظهور
مجتبى السادة
اذا اردنا ان نتحدث بإيجاز عن الوضع السياسي في منطقة الحجاز قبل الظهور، وإمكانية معرفة الأجواء العامة في المنطقة وهل هي مؤيدة للإمام عليه السلام أم معادية له .. فلابد ان نعرف بأن تسلسل الاحداث التي هي مقدمة الظهور في منطقة الحجاز تبدأ بتهيئة الظروف والمناخ المناسب لإنجاح حركة الإمام عليه السلام ، ومن هنا نستوعب ونفهم الروايات الشريفة التي تتحدث عن الفراغ السياسي, والضعف العسكري والأمني في تلك المنطقة قبل الظهور ..
تبدأ الاحداث هناك بموت الحاكم (عبد الله) فيكون آخر ملوك الحجاز كما في رواية أبي بصير: (عن من يضمن لي موت عبدا لله أضمن له القائم)، ويختلف (آل فلان) في تعيين الخليفة له ، ويستمر اختلافهم حتى ظهور الإمام المهدي عليه السلام كما الرواية: (اما انه اذا مات عبدا لله لم يجتمع الناس بعده على أحد ، ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله ، ويذهب ملك السنين ويكون ملك الشهور والأيام .. قال أبو بصير فقلت: يطول ذلك؟ قال: كلا ) .
ويتحول الخلاف بعد موت (الحاكم عبدا لله) إلى صراع داخلي على السلطة والحكم، ويبدأ الاقتتال الداخلي بين أجنحة العائلة الحاكمة، كما في الرواية: (إن من علامات الفرج حدثا يكون بين الحرمين ، قلت وأي شيء يكون الحدث؟ فقال عصبية تكون بين الحرمين ، ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا) أي بين الحرم المكي والحرم المدني ، والقتل قد يكون في مدينة الطائف .. وبسبب هذا الصراع الداخلي على السلطة تضعف حكومة الحجاز ويحدث الفراغ السياسي ولا يستقر الوضع الأمني. بغياب السلطة السياسية وضعفها وانشغالها بالصراع والاقتتال الداخلي على الحكم؛ فتنشط الفئات والمجموعات الناصبية المعادية لأتباع أهل البيت عليه السلام.
وهنا نتفهم الروايات التي تتحدث عن اضطراب يقع بين الحجاج في منى أثناء موسم الحج من ذلك العام حتى أن جمرة العقبة تتلطخ بالدماء، وذلك امتداد للخلاف بين أهل الحجاز على السلطة ، بالإضافة للمناخ الأمني العام المعادي للشيعة, يكثر حينها إيداعهم في السجون ، وتختتم هذه الإحداث في الـ 25 من ذي الحجة بقتل سفير الإمام عليه السلام (ذو النفس الزكية) في الحرم المكي بين الركن والمقام.
الأمر المهم في الحجاز في تلك الفترة (أي قبيل الظهور) ان أنظار المسلمين تتوجه نحو المهدي عليه السلام وتنتظر ظهوره ، وينتشر حينها بين الناس أنه عليه السلام يسكن المدينة المنورة, وان انطلاق حركته ستكون من مكة المكرمة .. وفي هذه الفترة ينشط الإمام عليه السلام بالاتصال بأنصاره في المدينة المنورة, ومن ثم في مكة المكرمة ، ويمارس عليه السلام دوره القيادي بشكل شبه كامل ويصدر توجيهاته في تلك الظروف الحساسة إلى اتباعه وأعوانه، ويتصل بأنصاره بشكل مباشر في شتى بلاد المسلمين باعتبار (بعد النداء السماوي وخروج السفياني) بداية النهاية للغيبة الكبرى التامة, وابتداء مرحلة الظهور الخفي (الأصغر).