الفهرس
لتصفح الصحيفة بـ Flsh
لتحميل الصحيفة كـ Pdf
المسار
صدى المهدي » العدد: ٦٣ / شعبان / ١٤٣٥ هـ
مواضيع العدد
العدد: 63 / شعبان / 1435 هـ

الامام العسكري عليه السلام وإجراءاته لتثبيت الولادة والإمامة / الحلقة الأولى

الامام العسكري عليه السلام وإجراءاته لتثبيت الولادة والإمامة/ الحلقة الأولى

الشيخ خليل رزق

شهدت الفترة التي ولد فيها الإمام المهدي عليه السلام إجراءات تعسفية وقمعية قام بها أركان الدولة العباسية الذين كانوا يسمعون ويقرأون _كما غيرهم من الناس_ عن ولادة الإمام المنقذ الذي سيهدم عروش الظالمين ويبعثه الله رحمة للعالمين، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أنْ ملئت ظلماً وجوراً.
فكان الإمام العسكري عليه السلام يعيش تحت رقابة شديدة وقاسية، وكان عليه بالإضافة إلى المهمة الكبرى والعسيرة في حماية مولوده الجديد من الجهاز الحاكم وسيف السلطة العباسية التي تطارده دائماً، كان عليه أنْ يقوم ببعض الأعمال التي تؤكّد وتثبت وجود الإمام المهدي عليه السلام تجاه التاريخ وتجاه الأمّة الإسلامية، وتجاه مواليه الذين يعتبرون المولود الجديد إمامهم الثاني عشر بحسب النص النبوي الشريف، وحتى لا يدخل الشك والريب إلى قلوب بعض الشيعة في قضية وجوده وولادته.
فعلى صعيد المهمّة الأولى كان الإمام الحسن العسكري عليه السلام يعلم بأنّ خبر ولادة الإمام المهدي المنتظر عليه السلام باعث للهلع والاضطراب في نفوس الحاكمين الظالمين، ويسلب استقرارهم النفسي، لانّهم علموا فيما سبق بواسطة الأخبار الكثيرة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمجيء الإمام الثاني عشر الذي يمحق الظلم وينشر العدل، وهذا ما استدعى أنْ يخفي الإمام العسكري عليه السلام خبر ولادته عن الظالمين وفي نفس الوقت كان عليه أنْ يركز في نفوس أصحابه وشيعته حقيقة وجود ولده الإمام الحجة عليه السلام، وهو أمر بالغ الصعوبة لناحية إخفائه من جهة، وضرورة إثبات ولادته ووجوده من ناحية اخرى. فعندما بشّر بعض خاصة شيعته بولادة ولده كأحمد بن اسحاق وغيره أمرهم بأنْ يكتموا أمره ويستروا ولادته عن الآخرين، بقوله:
(وُلد لنا مولود، فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً).
بل إنه كتم حمله أيضاً حتى عن أخصّ الخواص، ولم يعلم بذلك حتى القريب من أهل بيته، إلاّ حكيمة بنت الإمام الجواد عليه السلام التي أعلمت بذلك في وقت متأخر جداً، وذلك في ليلة النصف من شعبان، وهي ليلة ولادة الحجة بن الحسن المهدي عليه السلام، فإنه عليه السلام دعاها وأخبرها بأنّ الحجة عليه السلام سيولد، وعلى الرغم من الرقابة المشددة على بيت الإمام ونساء الإمام ظناً منهم بوجود الإمام المهدي عليه السلام جنيناً في رحم إحدى النساء، استطاع الإمام العسكري عليه السلام أنْ يدفع ظلم العباسيين ويمنع تسرّب خبر الولادة إليهم طيلة الخمس سنوات التي قضاها المولود الجديد مع والده عليه السلام.
أمّا بالنسبة إلى الوظيفة الثانية فقد قام الإمام العسكري عليه السلام وبتخطيط دقيق وواع يكشف عن الحكمة في تصرفاته ببعض الاجراءات، ليكفل وصول الخبر إلى الخواص من شيعته دون سواهم، لهذا فقد ترك الإمام عليه السلام خبر الإعلان العام عن ولادة المولود الجديد بالكلية، وكأنّ شيئاً لم يحدث على الإطلاق، وترك الأحداث تسير في مجراها الاعتيادي من دون إثارة أي انتباه أو فضول او شك من أحد في شيء من النشاط أو القول أو العمل. حتى أنّ خادم الباب في بيت الإمام العسكري عليه السلام لم ينتبه إلى شيء من خبر الإمام عليه السلام ولم يفهم شيئاً. وإذا لم يحصل الشك والانتباه لم يحصل الفحص والسؤال.
ومما ساعد الامام العسكري عليه السلام على الاخفاء تطبيقه سياسة الإحتجاب على نفسه، وانقطاعه عن اصحابه ومواليه الاّ بواسطة المراسلات، حيث استطاع عليه السلام بذلك تحقيق نتيجتين أساسيتين:
إحداهما: تعويد قواعده الشعبية على فكرة الاحتجاب والقيادة غير المباشرة.
ثانيتهما: استقطاب المهام التي كان يقوم بها، والحوادث التي يعيشها بشكل منفرد بعيداً عن الانتباه وتسليط الاضواء، وحيث انّ إخفاء ولده من مهامه الرئيسة، فلم يكن ذلك بممتنع عليه بعد تخطيط الاحتجاب.
وكان الاعلان الاول عن الولادة من قبل الإمام العسكري عليه السلام هو عندما أمر أحد أخصّ أصحابه، عثمان بن سعيد، بأنْ يشتري عشرة آلاف رطل من الخبز، وعشرة آلاف من اللحم، ويوزّعها على بني هاشم.
وفي بعض الروايات عن محمد بن إبراهيم الكوفي (أنّ أبا محمد عليه السلام بعث الى بعض من سمّاه لي بشاة مذبوحة، وقال: (هذه من عقيقة ابني محمد).
ولأنّ الإمام العسكري عليه السلام يريد أنْ يثبت وجود ولادة الإمام المهدي عليه السلام، ولترسيخ هذه الفكرة في عقول وأذهان الشيعة على مر التاريخ وإلى يوم الإعلان العام عن الظهور، فقد اختار عليه السلام مجموعة من خيرة أصحابه ومواليه من الذين كان يعرف منهم الصلابة في الإيمان والعمق في الاخلاص، وبخاصة أولئك الذين يرتبط الإمام عليه السلام عن طريقهم مع شيعته وخاصّته وينقلون إليه المراسلات والتوقيعات ليكون هؤلاء ممن يستطيع حمل هذه الأمانة والمسؤولية في تبليغ خبر ولادة الإمام المهدي عليه السلام إلى الناس.
فقد روى الشيخ الصدوق عدّة روايات تبيّن أسماء هؤلاء الذين ائتمنهم الإمام العسكري عليه السلام على هذا السر، ونحن نذكر بعض ما رواه الصدوق قدس سره.
منها ما رواه أبي غانم الخادم قال: وُلد لأبي محمد عليه السلام ولد فسمّاه محمداً، فعرضه على اصحابه يوم الثالث، وقال: (هذا صاحبكم من بعدي، وخليفتي عليكم، وهو القائم الذي تمتد إليه الأعناق بالانتظار، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً).
وسنتابع الحديث عن هذا الموضوع في الحلقة القادمة إن شاء الله.

العدد: ٦٣ / شعبان / ١٤٣٥ هـ : ٢٠١٤/٠٦/٠١ : ٤.٩ K : ٠
: الشيخ خليل رزق
التعليقات:
لا توجد تعليقات.